للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتاب نسب قريش الذي كان مع ابن شهاب الزهري١ "المتوفى سنة ١٢٣-١٢٥".

ومما يدل أيضًا على قدم وجود كتب النسب هذه، ويزيد اطمئناننا إلى أنها كانت مدونة منذ الجاهلية، ما قاله عبد الله بن محمد بن عمارة٢ "فرتني: أم لهم "أي لنبي حزم" في الجاهلية من بلقين، كانوا يسبون بها، لا أدري ما أمرها، قد طرحوها من كتاب النسب". وما ذكره أبو الفرج أيضًا عند حديثه عن قريظة والنضير وبني قينقاع وغيرهم قال٣ "لم أجد لهم نسبًا فأذكره لأنهم ليسوا من العرب، فتدون العرب أنسابهم، إنما هم حلفاؤهم". وهذا النص الأخير على تدوين العرب أنسابهم منصرف حتمًا إلى العصر الجاهلي؛ لأن اليهود لم يكونوا حلفاء للعرب بعد الإسلام.

فكتب القبائل هذه -وإن كانت فيها زيادات إسلامية- توضح لنا معنى كتاب القبيلة في الجاهلية، فهي -كما قدمنا- مجموعة فيها كل ما يتصل بالقبيلة من أخبار حروبها وأيامها، وذكر مفاخرها ومآثرها، وشعر شعرائها، وحكم بلغائها.

وربما أفردوا الحكم وجوامع الكلم في كتاب خاص، وتكون في هذه الحالة إما حِكَمًا عامة مما قالته حكماء العرب من شتى القبائل، وإما مما قالته الحكماء من غير العرب ثم عرفه العرب ونقلوه إلى لغتهم، وذلك هو معنى قول عامر بن الظرب للملك الغساني حينما خافه على نفسه وأراد أن ينجو منه٤: "إن لي كنز علم وإن الذي أعجبه من علمي إنما هو من ذلك الكنز أحتذي عيه، وقد خلَّفته خلفي، فإن صار في أيدي قومي علم كلهم مثل علمي، فأذن لي حتى


١ ابن عبد البر، القصد والأمم: ٤٣-٤٤.
٢ الأغاني ٤: ٢٣٧.
٣ الأغاني ٣: ١١٦.
٤ أبو حاتم السجستاني، كتاب المعمرين: ٤٨-٤٩.

<<  <   >  >>