للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العالم الشيخ في مجلسه، والمتعلمون والعلماء من حوله يقرءون أو يستمعون إلى من يقرأ، والشيخ العالم يشرح. والدليل على ما ذكرنا من أن مجالس العلم كانت تقوم على قراءة الكتاب وحديث وحديث الشيخ معًا، وأن إسناد التحديث إنما هو في حديث الشيخ وحده، وأنه لا ينفي وجود الكتاب؛ الدليل على ذلك ما نجمعه هنا:

قال محمد بن عمر الواقدي١: سألت ابن جريج "توفي سنة ١٥٠ وعمره ٧٦سنة" عن قراءة الحديث على المحدث؛ فقال: ومثلك يسأل عن هذا؟ إنما اختلف الناس في الصحيفة يأخذها ويقول: أحدث بما فيها، ولم يقرها، فأما إذا قرأها فهو سواء.

وقال عثمان بن عبد الله بن أبي رافع٢: رأيت من يقرأ على الأعرج "هو أبو داود عبد الرحمن بن هرمز المتوفى سنة ١٧٧" حديثه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: هذا حديثك يا أبا داود؟ قال: نعم، قال: فأقول حدثني عبد الرحمن، وقد قرأت عليك؟ قال: نعم، قل: حدثني عبد الرحمن بن هرمز.

وهل أدل على وجود الإسناد مما يوهم السماع وحده بينما يكون المصدر الأصيل هو الصحيفة من هذه الكتب التي كتبها عروة بن الزبير إلى عبد الملك بن مروان يجيبه فيها عما يسأله، ويذكر فيها بعض الحوادث التاريخية؟ فمع أنها مدونة في صحف نجد الطبري، حينما يوردها في تاريخه، يذكر لها إسنادًا فيقول٣ " ... أبان العطار قال: حدثنا هشام بن عروة أنه كتب إلى عبد الملك ... ".


١ ابن سعد ٥: ٣٦١.
٢ المصدر السابق ٥: ٢٠٩.
٣ تاريخ الطبري ١: ١١٨٠.

<<  <   >  >>