للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحابة والرواة بين يديه وفي مجلسه، نشير إلى ما يروى من أخبار عن غزارة حفظ أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكرٍ للشعر الجاهلي، وتمثلها به، واستنشادها إياه. والروايات كثيرة عن وفرة ما كانت ترويه من الشعر الجاهلي، منها قولها عن نفسها١: إني لأروي ألف بيت للبيد، وإنه أقل ما أروي لغيره!! وقالت كذلك٢: لقد رويت من شعر كعب بن مالك أشعارًا منها القصيدة فيها أربعون بيتًا ودون ذلك.

وقد أنشدت عائشة -لما مات أخوها عبد الرحمن بن أبي بكر- متمثلة قصيدة بائية لحجية بن المضرب الكندي في أخيه سعدان بن المضرب٣. ولما بلغها موت علي بن أبي طاب أنشدت متمثلة شعرًا للمعقر بن أوس بن حمار البارقي٤.

وكانت أيضًا تحث على طلب الشعر وتعلمه وروايته، ومما كانت تقوله في ذلك٥: رووا أولادكم الشعر تعذب ألسنتهم.

وكانت أسماء بنت أبي بكر -أخت عائشة- ممن يُروَى عنها الشعر الجاهلي، فقد روى عنها عروة قصيدتين، إحداهما لزيد بن عمرو بن نفيل، والأخرى لورقة بن نوقل٦.

وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يستنشد الصحابة الشعر٧، ويسائلهم عنه، ويستعيد ما يستحسنه منه، ويبدي إعجابه ببعضه، وقد ينهى عن رواية بعضه لأسباب مذكورة. فمما يدل على معرفتهم آنذاك بأخبار الجاهلية


١ ابن عبد ربه، العقد ٦: ١٢٥.
٢ السيوطي، المزهر ٢: ٣٠٩.
٣ المرزباني، معجم الشعراء ٢٣٤.
٤ المرزباني، المعجم ٢٠٤.
٥ العقد ٦: ١٢٥.
٦ الأغاني ٣: ١٢٤-١٢٥.
٧ انظر: المبرد، الفاضل: ٩-١٠.

<<  <   >  >>