للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علماء النسب مقرونًا بذكر علمهم بالشعر وروايته، وبأيام العرب وأخبارهم، فقد قال الجاحظ عن علماء النسب١: "وأربعة من قريش كانوا رواة الناس للأشعار وعلماءهم بالأنساب والأخبار". وقيل عن عقيل بن أبي طالب٢: "ويجتمع إليه في علم النسب وأيام العرب".

وسنذكر في هذه الصفحات، ذكرًا موجزًا، هؤلاء النسابين الذين أخذ عنهم علماء القرن الثاني، والذين عاشوا في القرن الأول، وفي صدر الإسلام، وفي آخر العصر الجاهلي، لنرى من ذلك -كما رأينا في إنشاد الشعر الجاهلي وروايته- أن الصلة قائمة في العصور المتعاقبة، وأنها كانت أشبه بالسلسلة ذات الحلقات المتصلة آخذًا بعضها برقاب بعض، لم تنقطع، ولم ينفرط عقدها، ولم تكن ثمة فجوة تفصل بين أخبار الجاهلية وعلماء القرن الثاني ورواته.

فهذا هشام بن محمد بن السائب الكلبي -عالم الأنساب المشهور- يقول٣ "قال لي أبي: أخذت نسب قريش عن أبي صالح. وأخذه أبو صالح عن عقيل بن أبي طالب. وأخذت نسب كندة عن أبي الكناس الكندي، وكان أعلم الناس. أخذت نسب معد بن عدنان عن النخار٤ بن أوس العذري، وكان أحفظ الناس ممن رأيت وسمعت به. وأخذت نسب إياد عن عدي بن رثاث الإيادي، وكان عالمًا بإياد.

وقد ذكر شعراء القرن الأول بعض هؤلاء النسابين، ووصفوا ما كان مشهورًا من مدى علمهم بأخبار الجاهلية، فمن ذلك قول سماك العكرمي٥:


١ البيان والتبيين ٢: ٣٢٣.
٢ الصفدي، نكت الهميان: ٢٠٠.
٣ ابن النديم، الفهرست: ١٣٩-١٤٠.
٤ في الأصل: "النجار بن أوس العدواني" وهو خطأ صوابه ما أثبتناه من معجم المرزباني ٢٣٧، ومن الحيوان ١: ٣٦٥ و٣: ٢٠٩-٢١٠وغيرهما.
٥ البيان والتبيين ١: ٣٢٢-٣٢٣.

<<  <   >  >>