للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينبغي أن نتصور وجود رجال كهنوت هومريين أو زملاء تكون حياتهم من جيل إلى جيل موقوفة على هذا العمل. غير أن فكرة كهذه غريبة عن الروح الحرة التي تطورت فيها الحياة والفن عند الإغريق، ولا يتفق ذلك أيضًا مع ما نعرفه من أمر الرواة والمنشدين المتجولين.

إن النتيجة العامة إذن هي: لا يمكن إثبات أن القصيدتين الهومريتين لم تُكتبا سواء حينما كانتا في ِأصلهما تنظمان أم عقب ذلك ولقد عرفهما العالم الإغريقي مدة قرون في الغالب عن طريق أفواه الرواة والمنشدين، ولكن ذلك لا ينفي أن الرواة والمنشدين كانوا يقتنون نسخًا مكتوبة ...

ذلك هو رأي جب عرضناه عرضًا وافيًا لتستبين لنا أطرافه، وسنختم حديثنا عن كتابة القصيدتين الهومريتين بعرض رأي باورا في هذا الموضوع عرضًا لا يقل عن عرضنا لسابقه بسطًا وبيانًا. بدأ باورا بحثه بسؤاله: هل يدين هومر، بطريقة ما لاستخدام الكتابة؟ ثم مضى يجيب بقوله١: لا ريب أن شعراء الملاحم في القرون الوسطى قد استخدموا الكتابة، وهم مدينون لها بمعرفتهم الصور السابقة للقصص التي استخدموها، وقد حفظوا نتاجهم بتسجيله كتابة. ولكن الأمر، في حالة هومر، غامض والأدلة ضئيلة. لقد وُجدت الكتابة في بلاد اليونان منذ زمن مبكر، ولو أننا استثنينا العصر الميسيني Mycenean Age، فإننا ما نزال متأكدين من أنها استخدمت في القرن السابع، وربما الثامن. فالنقوش على thera ترجع إلى تاريخ مبكر جدًّا، ولم يأت القرن السابع حتى شاعت الكتابة على الأواني. وقوائم إفورس السبارطية The Spartan lists of Ephors ترجع إلى نهاية القرن التاسع. والقوانين التي سنها الرجال مثل Charondas, Zaleucus تتضمن وجود قوانين مكتوبة في الشطر الأخير من القرن الثامن. ومع أن الكتابة قد وُجدت على عهد هومر، فمن الجائز أنها لم تكن شائعة عامة، أو أنها لم تكن تُستخدم على مدى واسع لتسجيل نتاج طويل مثل الإلياذة ... وهومر نفسه


١ Tradition and Design in theIliad, p. ٤٨-٥١

<<  <   >  >>