للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بن عدنان بن أدد ثم يمسك ويقول: كذب النسابون١. وكذلك ما ذكره الهيثم بن عدي في "كتاب المثالب"٢ من أن دغفلًا النسابة دخل على معاوية فقال له معاوية: من رأيت من علية قريش؟ فقال: رأيت عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس. فقال: صفهما لي. فلما وصف له عبد المطلب قال: فصف أمية. قال: رأيته شيخًا قصيرًا نحيف الجسم ضريرًا يقوده عبده ذكوان. فقال: مه، ذاك ابنه أبو عمرو. فقال: هذا شيء قلتموه بعدُ وأحدثتموه، وأما الذي عرفت فهو الذي أخبرتك به. وقد ذكرنا طرفًا من الكذب في النسب عند حديثنا عن الرواة الوضاعين، وسنذكر طرفًا آخر حين نتحدث عن أسباب الوضع ودواعيه.

وأما الوضع والكذب في الحديث النبوي منذ عهد الرسول نفسه فأمر لا يحتاج إلى بيان، وليس أدل على ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: "من كذب عليَّ فليتبوأ مقعدًا من النار" ٣. وقد جاءه ذات يوم المنقَّع بن الحصين فقال: يا رسول الله إن الناس خاضوا في كذا وكذا. فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: "اللهم لا أحل لهم أن يكذبوا عليَّ". قال المنقع: فلم أحدِّث بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثًا نطق به كتاب أوجرت به سُنَّة، يكذب عليه في حياته فكيف بعد موته!! ٤. وقد تنبه الصحابة في الصدر الأول إلى شيوع الكذب والوضع في الحديث، حتى إن سعد بن أبي وقاص حينما سئل عن شيء في الحديث استعجم وقال: إن أخاف أن أحدثكم واحدًا فتزيدوا عليه المائة٥. وحتى إن عبد الله بن عمرو بن العاص قال لجماعة من أهل


١ ابن سعد، الطبقات ١: ٢٨.
٢ الأغاني ١: ١٢.
٣ ابن سعد ٣/ ١: ٧٥.
٤ ابن سعد ٧: ٤٣-٤٤.
٥ ابن سعد ٣/ ١: ١٠٢.

<<  <   >  >>