للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال أبو حاتم: وكان الأصمعي يزعم أن القصيدة لأنس بن زنيم. قال أبو روق: غلط أبو حاتم إنما كان الأصمعي يقول: القصيدة لصرمة بن أبي أنس الأنصاري!

وأما الجاحظ فهو يشير إلى الموضوع والمنحول على ثلاث طرق، فهو حينًا ينسب الشعر إلى شاعر بعينه، ثم يعقب عليه بما يفيد شكه فيه، وهو حينًا ثانيًا يقطع قطعًا جازمًا بأن هذا الشعر أو ذاك منحول مصنوع وكل ذلك من غير دليل أو حجة وإنما يرسل القول إرسالًا، وهو حينًا يقطع بأن الشعر منحول ثم يورد من الحجج ما يراه كفيلًا بدعم رأيه.

فمن الضرب الأول أنه يقول: قال فلان -وبذكر اسم شاعر بعينه- ثم يعقب عليه بقوله: إن كان قالها. وقد تكرر منه ذلك في مواطن متفرقة من كتاب "الحيوان"١:

ومن الضرب الثاني قوله٢: وفي منحول شعر النابغة:

فألفيت الأمانة لم تخنها ... كذلك كان نوح لا يخون

وقوله٣: قال غيلان بن سلمة:

في الآل يخفضها ويرفعها ... ريع كأن متونه السحل

عقلًا ورقمًا ثم أردفه ... كلل على ألوانها الخمل

كدم الرعاف على مآزرها ... وكأنهن ضوامرًا إجل


١ ج٣ ص٤٩، ٦٨-٧٠، وج٤ ص٢٤٨-٢٤٩، وج٦، ص٣٣٩.
٢ الحيوان ٢: ٢٤٦.
٣ المصدر السابق ٦: ٢٣٥. الريع: الطريق المنفرج عن الجبل. متونه: ظهوره. السحل: الثوب الأبيض من ثياب اليمن. العقل ثوب أحمر يجلل به الهودج. كلل: جمع كِلة "بكسر الكاف وتشديد اللام" وهي ما خبط من الستور فصار كالبيت. الخمل: القطيفة. الإجل: القطيع من بقر الوحش.

<<  <   >  >>