للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملكية الآسيوية - عدد يوليو سنة ١٩٢٥- بحثًا عنوانه "أصول الشعر العربي"١ رجح فيه أن هذا الشعر الذي نقرأه على أنه شعر جاهلي إنما نظم في العصور الإسلامية ثم نحله هؤلاء الواضعون المزيفون لشعراء جاهليين. وقد بنى رأيه هذا على ضربين رئيسيين من الأدلة: أدلة خارجية، وأدلة داخلية. وسنعرض في هذه الصفحات رأيه، في شيء من التفصيل.

الأدلة الخارجية:

١- بدأ مرجوليوث مقالته بالحديث عن وجود الشعر في الجاهلية؛ فقال٢: إن وجود شعراء في بلاد العرب قبل الإسلام أمر شهد به القرآن، إذ أن فيه سورة واحدة باسمهم، ثم يشير إليهم من حين إلى آخر في مواطن أخرى. ومن بين الأوصاف التي كان خصوم النبي ينعتونه بها أنه كان شاعرًا مجنونًا٣. وكان النبي ينفي عن نفسه هذه الصفة ويجيبهم بأنه إنما "جاء بالحق". ووردت، في سورة أخرى، ثلاث ألفاظ هي كاهن، ومجنون، وشاعر٤، ويزعم مرجوليوث أن سياق الآية يدل على أن هذه الألفاظ الثلاثة في معنى واحد "مترادفة"، ثم قال: إن الذين وصفوه بأنه شاعر قالوا إنهم سيتربصون ليروا ما سيحدث له! وهو يرى أنه يصح أن يستنتج من ذلك أن من عادة الشعراء آنئذ التنبوء بالغيب!! وأشار إلى أن القرآن قد ذكر أن لغته ليست لغة شاعر ولكنها لغة رسول كريم٥، وأن الله لم يعلم النبي الشعر لأنه لا طائل له من


١ D.S. Margoliouth, the origins of Arabic poetry, Journal of the Royal Asiatic Society, July ١٩٢٥ pp ٤١٧- ٤٤٩.
٢ من صفحة ٤١٧ إلى صفحة ٤١٩ من المقالة السابقة.
٣ {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: ٣٦] .
٤ {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ، أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: ٢٩-٣٠] .
٥ {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ، وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الحاقة: ٤٠-٤٢] .

<<  <   >  >>