للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك ما ذكره الجاحظ في "الحيوان" من أنهم كانوا يدفعون أن الرجوم كانت حجة للنبي صلى الله عليه وسلم، واحتجوا على ذلك بأبيات وضعوها على شعراء الجاهلية.

٤- الشواهد على الأخبار١ ".. فلما كثر القصاصون وأهل الأخبار اضطروا من أجل ذلك أن يصنعوا الشعر لما يلفقونه من الأساطير حتى يلائموا بين رقعتي الكلام، وليحدروا تلك الأساطير من أقرب الطرق إلى أفئدة العوام، فوضعوا من الشعر على آدم فمن دونه من الأنبياء وأولادهم وأقوامهم، وأول من أفرط في ذلك محمد بن إسحاق ... " ثم ذكر أن مما يدخل في هذا الباب شعر الجن وأخبارها٢ ...

٥- الاتساع في الرواية٣ "وهو سبب من أسباب الوضع، يقصد به فحول الرواة أن يتسعوا في روايتهم فيستأثروا بما لا يحسن غيرهم من أبوابها؛ ولذا يضعون على فحول الشعراء قصائد لم يقولوها، ويزيدون في قصائدهم التي تعرف لهم، ويدخلون من شعر الرجل في شعر غيره ... " ثم يمثل على ذلك بحماد الراوية وخلف الأحمر.

وهكذا نرى أن الرافعي قد دار مع القدماء من العرب في فلكهم، وسرد ما رواوه من أخبار، وما انبث في كتبهم من أحاديث، وحصر الموضوع في الدائرة نفسها التي حصره فيها القدماء: لم يحمل نصًّا أكثر مما يحتمل، ولم يعتسف الطريق اعتسافًا إلى الاستنتاج والاستنباط ولا إلى الظن والافتراض، ولم يجعل من الخبر الواحد قاعدةً عامة، ولا من الحالات الفردية نظرية شاملة.

-٢-

ثم استقر الموضوع بين يدي الدكتور طه حسين، فخلق منه شيئًا جديدًا، لم يعرفه القدماء، ولم يقتحم السبيل إليه العرب المحدثون من قبله، ثم أنكره بعدُ كثير من المحدثين إنكارًا خصبًا يتمثل في هذه الكتب التي ألفوها للرد عليه ونقض


١ تاريخ آداب العرب: ٣٧٥.
٢ المصدر السابق: ٣٧٦.
٣ المصدر السابق: ٣٧٩.

<<  <   >  >>