للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك أننا حينما قرأنا تلخيصنا لرأي الدكتور -بعد أن جردناه من أسلوبه- أحسسنا فرقَ ما بين الملخص والكتاب، وأدركنا أن هذا التلخيص يغمط الكتاب حقه، ويفقده كثيرًا من أثره في النفس.

وحديث الدكتور طه، في هذا، ينقسم ثلاثة أقسام، الأولان منها عامان، أولهما: الدوافع التي دفعته إلى الشك في هذا الشعر، وثانيهما: الأسباب التي يرى أنها أدت إلى نحل الشعر الجاهلي ووضعه. أما القسم الثالث فخاصٌّ يتحدث فيه عن شعراء بذاتهم.

دوافع شكه:

نظر الدكتور طه في هذا الشعر الذي يسمى جاهليًّا فرأى فيه أشياء رابته، فشك فيه، وانتهى إلى أن كثرته المطلقة ليست جاهلية وإنما هي منحولة بعد ظهور الإسلام. ومن هذه الأمور التي رابته:

١- "أنه لا يمثل الحياة الدينية والعقلية والسياسية والاقتصادية للعرب الجاهليين١ وقد فصل القول في كل جانب من هذه الجوانب:

أ- الحياة الدينية: فرأى أن "هذا الشعر الذي يضاف إلى الجاهليين يظهر لنا حياة غامضة جافة بريئة أو كالبريئة من الشعور الديني القوي والعاطفة الدينية المتسلطة على النفس والمسيطرة على الحياة العملية. وإلا فأين تجد شيئًا من هذا في شعر امرئ القيس أو طرفة أو عنترة؟ أو ليس عجيبًا أن يعجز الشعر الجاهلي كله عن تصوير الحياة الدينية للجاهليين؛ وأما القرآن فيمثل لنا حياة دينية قوية تدعو أهلها إلى أن يجادلوا عنها ما وسعهم الجدال. فإذا رأوا أنه قد أصبح قليل الغناء لجئوا إلى الكيد ثم إلى الاضطهاد؟ ثم إلى إعلان الحرب التي لا تبقي ولا تذر. أفتظن أن قريشًا كانت تكيد لأبنائها وتضطهدهم وتذيقهم


١ في الأدب الجاهلي: ٨٨.

<<  <   >  >>