للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو يرى أن هذه الأسباب التي دعت إلى نحل الشعر ووضعه مردها إلى خمسة أمور:

أولًا- السياسة:

وهو لا يعني السياسة بمعناها الواسع الذي نفهمه منها الآن، وإنما يحصر مدلول السياسة في العصبية القبلية، وحتى هذه العصبية لا يتحدث عنها حديثًا شاملًا، ولكنه يكتفي بمثالين:

١- العصبية "بين المهاجرين والأنصار، أو بعبارة أصح: بين قريش والأنصار١". ويورد، لتأييد رأيه، روايتين، الأولى: ما يُروَى من أن عمر بن الخطاب نهى عن رواية الشعر الذي تهاجي به المسلمون والمشركون أيام النبي، ويرى الدكتور طه أن "هذه الرواية نفسها تثبت رواية أخرى وهي أن قريشًا والأنصار تذاكروا ما كان قد هجا به بعضهم بعضًا أيام النبي وكانوا حراصًا على روايته، ويجدون في ذلك من اللذة والشماتة ما لا يشعر به إلا صاحب العصبية القوية إذا وتر أو انتصر"٢. ويدعم رأيه هذا بما يُروى أيضًا عن عمر من قوله لأصحاب النبي: "قد كنت نهيتكم عن رواية هذا الشعر لأنه يوقظ الضغائن، فأما إذ أبوا فاكتبوه". ويعقب الدكتور طه على ذلك بقوله٣:

"وسواء أقال عمر هذا أم لم يقله، فقد كان الأنصار يكتبون هجاءهم لقريش على ألا يضيع".

والثانية: ما ذكر من أن ابن سلام قال: وقد نظرت قريش فإذا حظها من الشعر قليل في الجاهلية، فاستكثرت منه في الإسلام. وعقب عليه الدكتور بقوله٤: وليس من شك عندي في أنها استكثرت بنوع خاص من هذا الشعر الذي يهجي به الأنصار.


١ ص١٣٢.
٢ ص١٣٣.
٣ ص١٣٤.
٤ ص١٣٤.

<<  <   >  >>