للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما في هذه العلوم الأجنبية فلا بد من أن يثبتوا أن العرب قد عرفوه أو ألموا به أو كادوا يعرفونه ويلمون به.

خامسًا: الرواة:

والرواة في رأيه "بين اثنين: إما أن يكونوا من العرب، فهم متأثرون بما كان يتأثر به العرب، وإما أن يكونوا من الموالي، فهم متأثرون بما كان يتأثر به الموالي من تلك الأسباب العامة, وهم على تأثرهم بهذه الأسباب العامة متأثرون بأشياء أخرى هي التي أريد أن أقف عندها وقفات قصيرة. ولعل أهم هذه المؤثرات التي عبثت بالأدب العربي وجعلت حظه من الهزل عظيمًا: مجون الرواة وإسرافهم في اللهو والعبث، وانصرافهم عن أصول الدين وقواعد الأخلاق إلى ما يأباه الدين وتنكره الأخلاق"١.

ثم يتحدث عن حماد وخلف وأبي عمرو الشيباني، وبعد أن يعرض ما يُروى عن مجونهم وفسقهم ووضعهم الأشعار يقول٢: "وإذا فسدت مروءة الرواة كما فسدت مروءة حماد وخلف وأبي عمرو الشيباني، وإذا أحاطت بهم ظروف مختلفة تحملهم على الكذب والنحل ككسب المال والتقرب إلى الأشراف والأمراء والظهور على الخصوم والمنافسين، ونكاية العرب نقول: إذا فسدت مروءة هؤلاء الرواة وأحاطت بهم مثل هذه الظروف، كان من الحق علينا ألا نقبل مطمئنين ما ينقلون إلينا من شعر القدماء ... وهناك طائفة من الرواة غير هؤلاء ليس من شك في أنهم كانوا يتخذون النحل في الشعر واللغة وسيلة من وسائل الكسب. وكانوا يفعلون ذلك في شيء من السخرية والعبث نريد بهم هؤلاء


١ ص١٨٨.
٢ ص١٩١-١٩٢.

<<  <   >  >>