للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقياسه في الحكم على صحة الشعر الجاهلي:

ثم ينتقل بنا إلى الحديث عن المقياس الذي نعرف به صحة الشعر الجاهلي، فيرى أن نقد السند وحده لا يكفي "لتصحيح ما يصل إلينا من طريقه. ولا بد لنا من أن نتجاوز هذا النقد الخارجي إلى نقد داخلي، إن صح هذا التعبير، إلى نقد يتناول النص الشعري نفسه في لفظه ومعناه ونحوه وعروضه وقافيته"١.

ولكنه سرعان ما يستدرك ويبين أن هذا الضرب من النقد "ليس يسيرًا ولا منتجًا الآن بالقياس إلى الشعر الجاهلي. فنحن لا نستطيع أن نقول في يقين أو ترجيح علمي أن هذا النص ملائم من الوجهة اللغوية للعصر الجاهلي أو غير ملائم؛ لأن لغة هذا العصر الجاهلي لم تضبط ضبطًا تاريخيًّا ولا علميًّا صحيحًا، وكل ما صح لنا منها صحة قاطعة، ولكنها في حاجة إلى التدوين، إنما هي لغة القرآن. ولكن من ذا الذي يستطيع أن يزعم أن القرآن قد استعمل كل الألفاظ التي كانت شائعة مألوفة بين المضريين أيام النبي؟..٢".

ويعنينا أن نذكر رأيه في غرابة اللفظ وكيف يتخذها بعضهم مقياسًا لتحقيق الشعر الجاهلي، ويصف هذا المذهب بأنه مذهب خداع٣. ويقول: "لا ينبغي أن تُتخذ غرابة اللفظ دليلًا على الصحة والقدم، ولا ينبغي أن تتخذ سهولة اللفظ دليلًا على النحل والجدة ... ٤".


١ ص٢٨٦.
٢ ص٢٨٦. ألحظ أن الدكتور في ص٢٩٥ يقول: "فنحن نشترط أن يكون لفظ زهير ومعناه ملائمين ملاءمة ظاهرة للحياة البدوية آخر العصر الجاهلي. ولا ينبغي أن يعترض بما قدمنا من أننا ننكر أن تكون اللغة الجاهلية المضرية قد دونت تدوينًا علميًّا صحيحًا، فنحن لا نغير رأينا في هذا، ولكننا مع ذلك نعرف هذه اللغة بوجه ما، بفضل القرآن والحديث، فنستطيع إذن أن نتصورها تصورًا ما، ونستطيع إذن أن نقول إن هذه الألفاظ ملائمة أو غير ملائمة للغة الجاهليين أيام النبي!! ".
٣ ص٢٨٧.
٤ ص٢٩١، ومع ذلك فقد رأينا فيما تقدم أنه شك في بعض الشعر لسهولة ألفاظه ويسرها وقرب فهمها!

<<  <   >  >>