للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعيش في صحرائها، لا تعرف العالم الخارجي، ولا يعرفها العالم الخارجي، أما القرآن فيصف عناية العرب بسياسة الفرس والروم وصلاتهم بغيرهم من الأمم. وقد رد عليه السيد محمد الخضر حسين بقوله١: "وهل يصدق أحد أن من يدرسون الشعر الجاهلي يتصورون العرب أمة معتزلة في صحراء ... " ثم يورد شعرًا جاهليًّا فيه دلالات على معرفة العرب بالأمم المجاورة وعلى صلاتهم بهم. أما الأستاذ الغمراوي فقد ذكر أن الدكتور طه "لم يستشهد على ذلك إلا بآيتين اثنتين جرى في تأويلهما على ذلك النحو الذي رأيت ... "٢ بل إنه يرى أنه ليس في إحدى الآيتين "المعنى الذي أراد ولا ظله". وقد عجب من أن الدكتور يذهب إلى "أن الأدب الجاهلي على ما هو عليه الآن لا يبين صلة العرب بالعالم الخارجي، وأن القرآن وحده هو الذي يبينها"٣، مع أنه لم يستقرئ الأدب الجاهلي ولم يوازن بين ما فيه وما في القرآن.

٤- وذكر الدكتور أيضًا أن الشعر الجاهلي لا يمثل الحياة الاقتصادية الخارجية والداخلية لعرب الجاهلية، وأن في القرآن وصفًا لهما يصورهما فيه. وقد رد عليه السيد محمد الحضر حسين بأنه استشهد على الحياة الاقتصادية الخارجية بآية واحدة ليس فيها إلا إشارة موجزة، وأن في الشعر الجاهلي تفصيلًا لهذه الإشارة٤.

وأورد الأستاذ محمد لطفي جمعة من الشعر الجاهلي ما يرى فيه تصويرًا لحياة العرب الاقتصادية الداخلية في الجاهلية٥. أما الأستاذ الغمراوي فيرى أن "الحق أن الأدب الجاهلي لم يخل من هذا. والعجب أن يجهل أستاذ الأدب العربي شيئًا مثل هذا، فلو أنه قرأ القليل المكتوب عن ابن الزبعري في طبقات ابن سلام


١ ص٥٧.
٢ ص١٥٢.
٣ ص١٥٣.
٤ ص٦٢-٦٣.
٥ ص٧٦.

<<  <   >  >>