للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقرآن هو هو". "لا ندري كيف يكون اختلاف اللهجات مؤثرًا في الشعر، في أوزانه وتقاطيعه وبحوره وقوافيه بوجه عام؟ ... لا أفهم تأثير الإمالة والتفخيم في بحر الشعر وقافيته. فإن مفخم الألف ينشد "قفا نبك في ذكرى حبيب ومنزل" بألف مفخمة كما ينشدها المميل بألف ممالة، فلا يتغير في البيت حركة ولا سكون، وهما اللذان تُبنى عليها تفاعيل الشعر. وكما لا يتغير شيء من ذلك بالإمالة والتفخيم لا يتغير بالإدغام والإظهار ... ١".

وأما الأستاذ الغمراوي فيتحدث عن هذا الموضوع في صفحات متفرقة من كتابه٢، وقد عرض لذكر بعض ما قدمناه ثم قال٣: إن الدكتور طه قد "نبهه النقد منذ أكثر من عام إلى أن ثبوت اختلاف لغة الجنوب عن لغة الشمال، لو ثبت أنهما كانتا مختلفتين في العصر الجاهلي القريب، لا يصلح دليلًا على أن أدب يمانية الشمال موضوع لأن قبائل اليمن في الشمال كانت هاجرت من الجنوب إلى الشمال منذ أمد بعيد فلم يكن هناك بد لمن نشأ في الشمال من ذرياتها أن ينشأ على لغة الشمال ويتخذها لغة أدب ولغة خطاب. فجاء صاحب الكتاب هذا العام يجيب على هذا بلهجة المستوثق مما يقول فهل تدري بماذا أجاب؟ أجاب بأن هجرة فريق من عرب اليمن إلى الشمال غير ثابتة! وأن صحة يمانية من انتسب إلى اليمن من قبائل الشمال غير ثابتة! وإذن يسقط ذلك الاعتراض! إن من المؤلم حقًّا أن يلج الأستاذ في المماراة إلى هذا الحد، وينزل به اللجاج إلى هذا الدرك، فلا يدرك أن جوابه هذا مسقط كل ما قال، وأنه إذا صح أن التاريخ القديم والتاريخ الحديث أجمعا على خطإ، فلم تكن هجرة ولم يكن في الشمال يمانيون، لم يكن هناك أدنى شبهة لغوية يمكن أن يُعترض بها على صحة كلام مثل امرئ القيس. إذ يصير امرؤ القيس ومن معه بذلك مضربين،


١ ص١٨.
٢ ص١٦٢-١٦٣، ١٦٦، ١٧٠-١٧١، ١٧٤، ١٨٨.
٣ ص١٨٨.

<<  <   >  >>