للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد؛

فقد سقنا هذا الحديث كله لنصل إلى ما بدأنا به حديثنا حينما قلنا إنه إن كان شيء أولى بالشك، وأحرى بالتوقف، وأجدر بالبحث والتمحيص، فهو هذه الأخبار والروايات المتناثرة في صفحات الكتب العربية، التي تدور حول بعض رواة الشعر: تتهمهم بالوضع والنحل، وترميهم بالكذب والافتعال. وأحسب أننا نستطيع الآن أن نتبين قيمة قولنا هذا بعد الذي بيناه من أمر هذه العصبية بين البصرة والكوفة، وهذا الخلاف في المصادر التي استقى كل فريق مادته منها، ثم هذا الخلاف في المنهج الذي اتبعته كل مدرسة، وما كان لكل ذلك من أثر في اتهامه كل فريق الآخر بالوضع والنحل، ورميه بالكذب والتزيد. على أن هذا الحديث العام -على ما فيه من خطر وقيمة- لا تتكشف لنا جوانبه إلا حين ندعمه بالحديث عن بعض الرواة، وعرض الأخبار والروايات التي تدور حولهم.

-٢-

وسنبدأ بالحديث عن حماد ثم نتلوه بالحديث عن خلف، فقد نالهما من الاتهام بالوضع والكذب والنحل ما لم ينل غيرهما. ولعل خير ما نصنع أن نعرض الأخبار والروايات التي توثق حمادًا وتضعفه، ونجعلها أقسامًا يجتمع كل قسم منها في قرن:

١- المفضل وحماد:

أ- روى أبو الفرج١ عن جماعة من الرواة أنهم كانوا في دار أمير المؤمنين المهدي بعيساباذ، وقد اجتمع فيها عدة من الرواة والعلماء بأيام العرب وآدابها وأشعارها ولغاتها، إذ خرج بعض أصحاب اخاجب، فدعا بالمفضل الضبي الراوية فدخل، فمكث مليًّا ثم خرج إلينا ومعه حماد والمفضل جميعًا، وقد


١ الأغاني ٦: ٨٩-٩١.

<<  <   >  >>