للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معمر بن المثنى١، وخالد بن كلثوم الكلبي٢، ومحمد بن حبيب٣.

ومع كل هذا الجهد الخصب الذي بذله كثير من العلماء الرواة في جمع أشعار القبائل، ومع كثرة الدواوين التي ذكرت المصادر أن هؤلاء العلماء قد صنعوها، فقد قال ابن قتيبة٤: "والشعراء المعروفون بالشعر عند عشائرهم وقبائلهم في الجاهلية والإسلام أكثر من أن يحيط بهم محيط، أو يقف من وراء عددهم واقف، ولو أنفد عمره في التنقير عنهم، واستفرغ مجهوده في البحث والسؤال. ولا أحسب أحدًا من علمائنا استغرق شعر قبيلة حتى لم يفته من تلك القبيلة شاعر إلا عرفة ولا قصيدة إلا رواها.." فإذا كان ذلك كذلك فما أشد حسرة الباحث في دواوين القبائل وروايتها إذا علم أن صروف الدهر لم تبق لنا إلا على ديوان واحد فقط من هذه الدواوين الكثيرة التي زخرت بأسمائها المصادر العربية، وهي ليست إلا جزءًا مما صنعه الرواة، وكل ذلك ليس أيضًا إلا جزءًا مما قاله شعراء القبائل، هذا الديوان الوحيد الذي بقي لنا هو: ديوان هذيل.

غير أن حظ قبائل العرب من الشعر لم يكن واحدًا، وإنما كانوا يتفاوتون في كثرة شعرائهم وشعرهم، وفي ذلك يذكر الجاحظ حديثًا طريفًا، قال٥:

"وبنو حنيفة مع كثرة عددهم، وشدة بأسهم، وكثرة وقائعهم، وحسد العرب لهم على دارهم وتخومهم وسط أعدائهم، حتى كأنهم وحدهم يعدلون بكرًا كلها ومع ذلك لم نر قبيلة قط أقل شعرًا منهم. وفي إخوتهم عجل قصيد ورجز وشعراء ورجازون. وليس ذلك لمكان الخصب وأنهم أهل مدر وأكالو تمر؛ لأن الأوس والخزرج كذلك وهم في الشعر كما قد علمت. وكذلك


١ ياقوت، إرشاد ١٩: ١٦١.
٢ الفهرست: ٩٨.
٣ الوؤتلف والمختلف: ٧١-٧٢، ١١٩، ١٢٠.
٤ الشعر والشعراء ١: ٤.
٥ الحيوان ٤: ٣٨٠-٣٨٢.

<<  <   >  >>