للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان الغاية في الجمع. وتفصيل ذلك أننا وجدنا -بعد دراسة النسخة- أن السكري قد اعتمد -في جمعه ديوان هذيل- على ثلاث روايات، هي الروايات التي نص عليها نصًّا صريحًا في مطلع ديوان أبي ذؤيب، وهي.

أ- رواية بصرية: الرياشي، عن الأصمعي، عن عمارة بن أبي طرفة الهذلي١.

ب- ورواية كوفية: محمد بن حبيب، عن ابن الأعرابي وأبي عمرو الشيباني.

جـ- ورواية جمعت بين الروايتين: محمد بن الحسن الأحول٢، عن عبد الله بن إبراهيم الجمحي٣.

ومع أن السكرى قد جمع بين هذه الروايات المختلفة إلا أنه كان حريصًا في جمعه على ألا تضيع معالم كل رواية وعلى ألا تختلط بغيرها فنص من أجل ذلك على كل قصيدة انفرد بها بعض هؤلاء الرواة دون غيرهم، وترك القصائد التي أجمعوا جميعًا عيها من غير أن ينص على روايتها، وحسبنا أمثلة قليلة توضح ذلك:

أ- فقد أورد تسعة عشر بيتًا لمالك بن الحارث، اتفق الرواة جميعًا على نسبة الأبيات التسعة الأولى منها له ثم اختلفوا بعد ذلك، فمنهم من جعل بقيتها قصيدة منفصلة نسبوها لتأبط شرًّا يرد بها على مالك بن الحارث، ومنهم من جعلها كلها قصيدة واحدة منسوبة إلى مالك، ولذلك قال السكري عند البيت التاسع منها٤


١ لم نعثر لعمارة هذا على ترجمة في كتب الطبقات والرجال، غير أن الأصمعي قد روى عنه أخبارًا وشعرًا، "انظر: ابن قتيبة: عيون الأخبار ٢: ٦٨، والشعر والشعراء ١: ٢٧١".
٢ في ديوان أبو ذؤيب ط هانوفر ص١ "محمد بن الحسن" فقط، وقد استقصينا من اسمه محمد بن الحسن ممن يصح أن يروي عنه السكري، فرجحنا أنه: محمد بن الحسن بن دينار الأحول، وهو ممن جمع بين المذهبين وخلطهما "ابن النديم: الفهرست: ١١٧" وكان العلماء يقرءون عليه دواوين الشعراء في سنة خمسين ومائتين "ياقوت: إرشاد ١٨: ١٢٥" وجمع دواوين مائة وعشرين شاعرًا "المصدر السابق ١٨: ١٢٦".
٣ ذكره الجاحظ في الحيوان ٥: ٥٨٧، وروى عنه خبرًا حدثه به.
٤ شرح أشعار الهذليين ط. لندن ص٤.

<<  <   >  >>