للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحقيق بنا، ونحن نتحدث عن الكتابة في الجاهلية وشيوعها، ألا نغفل الإشارة إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي ذكرت الكتابة. أما الآيات الكريمة التي تضمنت الإشارة إلى معرفة الجاهلية العربية بالكتابة معرفة واسعة عميقة، فحسبنا أن نقتصر على ذكر ثلاث منها، والحق أن قيمة هذه الآيات لا تقتصر على وضوح دلالتها، وإنما تتجاوز ذلك إلى قيمتها التاريخية إذ أنها وثيقة أولى لا سبيل إلى التشكيك فيها.

أما الآية الأولى فقد أشرنا إليها من قبل في معرض حديثنا عن مجلس العلم في الجاهلية، إذ أنها تبين عن أن بعض الجاهليين كانوا يدونون الأخبار والقصص والتاريخ، وأن هناك من كان يملي هذه الموضوعات في مجالسه، قال تعالى١:

{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} .

والآية الثانية تبين عن أن عرب الجاهلية كانوا يطالبون الرسول بآيات ومعجزات تقنعهم بنبوته، ومن هذه الآيات والمعجزات، أن ينزل عليهم كتابًا من السماء يقرءونه، قال تعالى٢:

{وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا ... أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُه قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَسُولًا} .

وفي الآية الثالثة يشير تعالى إلى أن هؤلاء العرب مكابرون، وسيشكون في هذا الكتاب ولو نزل عليهم في صورة مادية يرونها ويلمسونها. قال تعالى٣:


١ سورة الفرقان، آية: ٥.
٢ سورة الإسراء، آية ٩٠-٩٣.
٣ سورة الأنعام، آية: ٧.

<<  <   >  >>