فبينوه بل أعربوه كما أعربوا الاسم، وضمير أعربوا عائد على العرب، وهو من قبيل ما يفسره السياق، إذ لم يتقدم للعرب ذكر، لكن لما كان هذا العلم تقريرا لكلامهم صار ذلك قرينة تدل على أنهم المقصودون بالضمير، فصار كقوله تعالى:((حتى تورات بالحجاب))، والمضارع مشتق من المضارعة وهي المشابهة، وإنما سمي مضارعا لمضارعته الاسم، أي مشابهتهن وهذه المضارعة هي التي أوجبت الإعراب فيه عند البصريين، إذ ليس فيه عندهم موجب له كما كان في الاسم موجب، بل هو في ذلك كأخويه الأمر والماضي، إلا أن العرب من شأنهم مراعاة الشبه، فيعاملون المشبه معاملة ما شبه به بعض الأحكام ولما كان المضارع شبيها باسم الفاعل من جهة اللفظ، لجريانه عليه في الحركات والسكنات وعدد الحروف مطلقا، وفيما زاد على الثلاثة شابهه أيضا لجريانه معه في تعيين الحروف الأصول والزوائد، وتعيين محالها ماعدا الزيادة، ومن جهة المعنى؛ لن كل واحدة منهما يأتي بمعنى الحال وبمعنى الاستقبال أعرب بالحمل عليه، كما عمل اسم الفاعل بالحمل على المضارع، وهذا الوجه أحسن ما سمعت في تعليل إعراب المضارع من شيوخنا وما رأيته مما ذكره النحويون، وإياه كان يعتمد شيخنا القاضي أبو القاسم الحسنى -رحمه الله-. وللبصريين في تقرير في تقرير هذا الشبه أوجه لا حاجة بنا إلى إيرادها. واعلم أن قول الناظم:(وأعربوا مضارعا) ليس فيه ما يدل على أصالة الإعراب في المضارع ولا على فرعيته فيه، بل قال:(وأعربوا) كما قال في الأمر والماضي "بنيا" أي بنتهما