لما كان الجر لا يكون إلا بالإضافة، والإضافة على وجهين: إضافة اسم إلى اسم نحو: غلام زيد، وإضافة فعل إلى اسم بواسطة الحرف المضيف، نحو: مررت بزيد، وكان لكل واحد من القسمين أحكام تختص به، خص كل قسم بباب على حدة، وبدأ بإضافة الفعل إلى الاسم، وهي المختصة بالحروف، فقال:
هاك حروف الجر وهي من إلى ... حتى خلا حاشا عدا في عن على
مذ منذ رب اللام كي واو وتا ... والكاف، والبا، ولعل ومتى
(ها) مقصورا، وهاء ممدودًا أسما فعل معناهما: خذ، ويجوز لحاق الكاف لهما حرف خطاب بحسب المخاطب من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث، كما في اسم الإشارة، فتقول: هاك، وهاك، وهاكما، وهاكم، وهاكن، وكذلك سائر الحالات، فمعنى قوله:(هاك حروف الجر): خذ حروف الجر، وكأنه على حذف المضاف، أي خذ أحكام حروف الجر، من معانيها، ومواضعها، وغير ذلك من أحكامها، وسماها حروف الجر، لأنها تعمل الجر فيما دخلت عليه؛ فسميت بأثرها، وتسمى أيضًا حروف الإضافة، وذلك من جهة معناها؛ لأنها تضيف إلى الاسم ما قبله أو ما بعده، فإذا قلت: مررت بزيد، فقد أضفت المرور إلى زيد بالباء.
وإذا قلت: رب رجل يقول ذاك، فقد أضفت القول إلى الرجل برب، وكذلك سائر الحروف.
ثم أخذ في تعدادها فقال:(وهي من إلى) إلى آخرها، عطف بعضها على