وهذه الأوجه الأربعة قويّة الورود على الناظم، يصعُب الجواب عنها.
(ثم قال):
أَعْلَمَ وَأَرَى
هذا هو النوعُ السابعُ من نواسخ الابتداءِ، وهو بابُ ما يتعدّى إلى ثلاثة مفعولين، أصلُ الثانى والثالث منها المبتدأ والخبر، ويسمّى باب أَعْلَمَ. وقدّم هنا فعلين خاصّةً وقد ذكر معهما خمسة لكن آخر الباب، ولم يُصدِّر بها كُلّها، وكان الأولى أن يُصَدّر بالجميع على عادته فى ذلك وعادة غيره، فَيُسأَلُ: لِمَ لَمْ يفعل ذلك؟
والجواب: أنه إنما أتى بهذين الفعلين صدر الباب لأنهما الأصل فيه، وأما الخمسة الباقية فدخيلةٌ فيه بتضمين معنى أَعْلَمَ؛ فإن هذه الخمسة التى ذكرها آخر الباب -وهى: أنبأَ، ونبّأَ، وأخبرَ، وخَبَّر، وحَدّثَ- أصلها عند العرب أن تتعدّى بحرف الجرّ إلى الأثنين وبنفسها إلى الثالث، نحو: نبّأتُ زيدًا عن عَمْروٍ بكذا. وقد يسقط الجارّ من الأول نحو: نبّأت زيدًا عمرًا بكذا، ومنه ما أنشده سيبويه للفرزدق: