ويجوز أن لا تلغى فتقول: زيدًا قائمًا ظننتُ، وزيدًا -ظننت- قائمًا. فأمّا أَنْ تقدّمَ الفعْلَ وتبتدئَ به فلا يجوزُ الإلغاءُ، وهو قوله:«لا في الابتدا». يريد كونَ الفعل مبتدًأ به قبل المفعولين معًا؛ وذلك أنّ الإلغاء والإعمال، كلّ واحدٍ منهما له مقصدٌ يوجبه غير مقصد الآخر، فمقصدُ الإلغاء أن تكون ذكرت الجملة على أن تطلق الإخبار بها إطلاقًا، ثم تستدرك ذكر الشكّ أو اليقين، وذلك يكون على وجهين:
أحدهما: أن تبتدئ كلامك وليس في قلبك منه مخالجة شك، فإذا مضى كلامُك أو بعضه على اليقين، لحقك فيه الشك، كما تقول: / عبد الله أمير -وأنت لم تشاهده- فيجب أن تستظهر فتقول: بلغني، أى إن هذا فيما بلغنى. ولو قدّمت قولك: بلغني، لم يجز أن تقول: بلغني عبد الله أمير؛ لأن الجملة لا تكون فاعلة، ولكن تقول: بلغنى إمارته، أو بلغني أنه أمير. وكذلك قولهم: من يقول ذلك؟ تدرى؟ ولو قدّمت: تدى، لعمل في مَنْ، وصارت بمعنى الذى، فخرجت عن الاستفهام.
والثاني: أن تبتدئْ كلامك وأنت شاكّ، لكنك أردت أن تطلقه إطلاقًا، كما يقول القائل: زيد أمير، وهو يريد: عندى، وفي ظنى. ثم أردت أن تستدرك خحقيقة الخبر عندك من شك أو ظن، فقلت: عبد الله قائم ظننت، أو عبد الله -ظننت- قائم.
، أما مقصد الإعمال فَأَن تبنى كلامك على الإخبار بما عندك في ذلك الخبر، من علم أو ظن. فالفعل بلا بدٍّ مبنى عليه الكلام، لكنك أَردْت تقديم المفعولين أو أحدهما للاعتناء بذكره، أو لغير ذلك، فلا بدّ هنا من الإعمال، إذ قصد الكلام مبنى على ذكر الفعل. وإذ ذاك يتبين وجه