الله عليه- يقول: هذا القيد فارغ -يريد من الفائدة- وذلك لأن الفعل إذا فرضته متحملًّا لضمير، فذلك الضمير هو المعرّفُ به، وهو الفاعلُ؛ لأن الفِعْلَ قد أُسْنِد إليه اسم، واجتمعت الأوصاف؛ وإذا فرضته غير متحمل فالظاهر هو ذلك الاسم. وقد قال هو على أثر هذا:«وبعد فِعْلٍ فاعلُ فإن ظَهَرْ فَهْوَ .. إلى آخره، فبيَّن أن الفاعل قد يكو ضميرًا وإذا صار مثل الظاهر، وكلاهما قد أُسنِد إليه الفعلُ. وأيضًا فإن كلامه في قُوَّة أَنْ لو قال: الفاعل اسم أُسْنِدَ إليه فعلٌ على طريقة كذا، وهو نَصُّه في التسهيل، وذِكْرُ الإسناد يُجْزئِ عن ذكر الفارغ؛ إذ لا يصحّ الإسنادُ إلّا والفعلُ خالٍ عن الإسناد، وإلّا فإذا كان فيه ضمير فقد أُسنِدَ، فلا يتصوّر القصدُ إلى الإسنادِ مع كوه غير فارغ من ضمير.
فالصواب تركُ هذا القيد والذى قبله، كما فعل غيره. والاعتراض عليه في التسهيل وارد، وأما هنا فيمكن أن لم يقصده، ولا يُلْفى محذور. فإذا قلت: الفاعل اسم مسندٌ إليه فعل مقدّم عليه، غير مبني للمفعول -صحّ، ولم يصحّ الاعتراض عليه أصلا، ولم يَرِدْ عليه نحو: قاموا الزيدون، وأن يكون الزيدون فاعلًا، مع أن قام متحمّمل للضمير؛ إذ ليس بمسندٍ إليه، بل الضمير هو المسند إليه. وقد عُرِف معنى الإسناد أولَ الكتاب.
والرابع: أن يكون الفعلُ غير مبنىّ للمفعول، وذلك أن يكون على طريقة فَعَلَ، «كأتى» في مثاله، فلو كان مبنيًا للمفعول لم يكن المسند إليه فاعلًا، كقولك: ضُرِب زيدٌ، واستُخرِجَ المال، وإن سُمِّى المرفوع هنا فاعلًا يومًا مّا فعلى الاتّساع في العبارة.