فإن قلت: وأين إشارة الناظم إلى أنها حروف لا ضمائر؟
قيل: في وقوله: «والفِعلُ للظاهر بعدُ مسندُ»؛ إذ لو كانت عنده ضمائر، لكانت هى المسند إليها، ولم يقل هذه العبارة.
واعلم أن النظم ترك ذِكْر أمرين ضَرُوريَّين هنا:
أحدهما: حكم هذه العلامات مع الفعل المضارع، فإنها تلحق حيث تلحق الماضي، فتقول في اللغة المشهورة: يقوم الزيدان، ويقوم الزيدون، وتقوم الهندات، كما تقول: قام الزيدان، وقام الزيدون، وقامت الهندات. وتقول في اللغة الأخرى: يقومان الزيدان، ويقومون الزيدون، ويقَمْنَ الهندات، كما تقول: قاما الزيدان، وقاموا الزيدون، وقُمْنَ الهندات. فكان من حقه أن يذكر ذلك، وقد تقدمت الشواهد في المضارع، وكذلك فَعَل في لحاق علامة التأنيث الفعلَ، وترك هناك ذكر المضارع البتّةَ، وكان من حقه أن يذكر حكمه؛ إذ لا يُفَهم له من حكم الماضي، للمخالفة الحاصلة بينهما؛ ألا ترى أنها تلحق الماضى في آخره، والمضارعَ في أوله؛ ولذلك لو قال في فصل لحاق التاء بعد قوله:«والتاء مَعْ جَمْع سِوَى السَّالِم مِنْ» .. إلى آخره:
والتاءُ في مُضَارعٍ كالتَّاءِ في الماضِ إلّا الوضعُ في ابتداءِ
لم يبق عليه اعتراضٌ فيه، وبقي الاعتراض في هذا الموضع. وقد تحرّز في التسهيل، فَكمَّلَ القصد بقوله في آخر فصلِ التاء:«ويساويها في اللزوم/ وعدمه تاءُ مضارع الغائبة، ونون التأنيث الحرفيّة» ثم قال