والأمر الثاني من الأمرين اللذين نبه عليهما الناظم: أن إعمال الأول من المتنازعين دون الثاني أو الثاني دون الأول جائز جميع ذلك؛ إذ قال:"فللواحد منهما العمل" ولم يعين ذلك الواحد، فدل على أنه قصد أي واحدٍ كان، وذلك صحيح، ولا خلاف فيه بين البصريين والكوفيين، فمثال إعمال الأول: قولك: ضربت وضربني زيدًا، وضربني وضربته زيدٌ، ومما جاء من ذلك في السماع قول عمر بن أبي ربيعة:
إذا هي لم تستك بعود أراكةٍ ... تنخل فاستاكت به عود إسحل
فلو أعمل الثاني لقال: فاستاكت بعود إسحل، وقال أخو الشماخ:
أتاني فلم أسرر به حين جاءني ... حديث بأعلى القنتين عجيب
ولو أعمل الثاني لقال: فلم أسرر بحديث، وقال ذو الرمة:
ولم أمدح لأرضيه بشعري ... لئيمًا أن يكون أصاب مالًا
وأنشد أبو زيد:
قطوبٌ فما تلقاه إلا كأنما ... زوى وجهه أن لاكه فوه حنظل
وأنشد ابن خروف وغيره:
* بعكاظ يعشي الناظرين إذا هم لمحوا شعاعه *
وأنشد المؤلف:
يرنو إلي وأرنو من أصادفه ... في النائبات فأرضيه ويرضيني