لناقض أصله؛ إذ كلاهما عمدة يجب وصلها بعاملها، فكما لم يؤخر الفاعل لا يؤخر ما هو في معناه وفي حكمه. وأما إثباته في موضعه فاجتمع فيه مكروهان: الإضمار قبل الذكر، وبقاؤه مع أنه بلفظ الفضلة، فصار: ظننته مثل ضربته. وإذا حذف لم يلف فيه إلا مكروه واحد، وهو حذف العمدة، إلا أن هذا المكروه مغتفر؛ لأن الحذف اختصاري للدلالة عليه، ومن شأنه أن يحذف اختصارًا، بخلاف الفاعل ففارق الفاعل من هذا الوجه، فكان حذفه أولى الوجوه الثلاثة وأشبهها، فيمكن أن يكون الناظم ارتكب هذا مذهبًا، اعتمادًا على وجوب الحمل على أحسن الأقبحين، وهي قاعدة يشهد لها كلام العرب مع أن المسألة مغفلة الذكر، مجهولة الحكم، لم أر من تكلم في طرف منها، إلا ما يعطيه ظاهر هذا الكلام، وهي بعد في محل النظر، فعلى الناظر فيها الاجتهاد. وهذا مبلغ ما ظهر لي والله أعلم.
وقوله:"بل حذفه الزم إن يكن غير خبر" وقوله: "واخزنه إن يكن هو الخبر". جاء بالمضارع فيه بعد إن حذف جوابها، وهو مختص بالشعر، والقياس: إن كان غير خبر، وإن كان هو الخبر، ولكنه نحو ما أنشد أبو عبيدة وغيره لزهير بن مسعود:
فلم أرقه إن ينج منها وإن يمت ... فطعنة لا غس ولا بمغمر
وكذلك قوله بعد:"وأظهر إن يكن ضميرٌ خبرًا" جاء على الشذوذ أيضًا، وهو في هذا غير مضطر على طريقته؛ إذ كان يمكن أن يقول:"وأظهر إن كان ضميرٌ خبرًا".