والثاني: المقادير، وذلك قوله:"والمقادير"، وهي ما يقدَّر به المكان كالمِيل والفرسخ والبريد، فهذه أيضًا تنتصبُ على الظرف، فتقول: سرتُ بريدًا، وفرسخًا، ومِيلًا، وداري خلف دارك فرسخين، وما أشبه ذلك.
والثالث: المشتق من الفعل الواقع فيه، نحو: قعدت مَقعدًا حسنًا، وجلست مَجلسًا، وصلاتي مُصلّي زيد، وقيام زيد مقامك، وما أشبه ذلك ومثّل ذلك بقوله:"كمرمى من رمى" يعني إذا قلتَ: رميتُ مرمى حسنًا، ورمى زيد مرماك. هذه الأنواع الثلاثة التي عيّن لقبول الظرفية من أسماء الأمكنة، فإذا تبيّن أنها هي المتعيّنة للقبول، وهي التي اشتمل عليه لفظُ المبهم كان ما بقي بعد ذلك غير قابل للنصب على الظرفية، وهو المختص، وهو الضرب الثاني إلّا أنه لم يبيّن إعرابه، والذي يقتضيه عدم تضمين "في" -أن تكون ظاهرة، فيكون المختص مجرورًا بها، وهو المُطَّردُ فيه، نحو: قعدت في البيت، وصليتُ في المسجد، وقمت في السوق، وأقمتُ في غرناطة، وذهبت في البلد، وما أشبه ذلك. وقد نَصَّ سيبويه على أنّك "لا تقول: هو جوف المسجد"، ولا هو داخل الدار، ولا خارج الدار (حتى) تقول: "في جوفها، وفي داخل الدار، ومن خارجها. وفرَّق بين هذه الأشياء، وبين خلف وأمام، ونحوهما بأنّ هذه الأشياء صارت مختصَّة بمنزلة الظهر، والبطن، واليد، وغير ذلك من المختصَّات المعيّنات بخلاف خلف، وأمام، ونحوهما فإنّهما مبهماتٌ تدخل على كل اسم، وتلي الاسم من نواحيه وأقطاره"، فلذلك صارت تلك الأشياء لا ينصبها الفعل الواقع فيها. وربما سقط الحرفُ الجارُّ فانتصب المختصُّ، كقولهم: ذهبت الشامَ، ودخلت