ثم قال:(وغير ذي التصرف الذي لزم) إلى آخره يعني أن ما كان لازمًا لطريقةٍ واحدة فلم يستعمل إلا على وجه واحدٍ، ظرفًا مثلًا، ولم يؤت به غير ظرف فهو غير المتصرف، يعني في العرف الاصطلاحي، ومثال ذلك في ظروف الزمان: سحر، وعشاء، وعشية، وضحى، وضحوة، وعتمة لأوقات بأعيانها، لا تقول: عشية أفضل من ضحوة؛ ولا: أحببت عشيةً، ولا ما أشبه ذلك، وأنت تريد أوقاتًا بأعيانها، فلو كانت نكراتٍ لتصرفت، وكذلك بعيدات بينٍ، وصباح مساء، ويوم يوم، ونحوها، ومثاله في ظروف المكان: مع، وبين بين، ووسط ساكن السين، وما أشبه ذلك. ومستند عدم التصرف السماع كما مر، فما رأينا العرب استعملته على وجوه سميناه متصرفًا، وما رأيناها قصرته على طريقة واحدة ظننا بأنه عندها كذلك فسميناه غير متصرف.
ويتعلق بكلام الناظم ثلاث مسائل:
إحداها: أن ظرف الزمان بحسب التصرف، وعدمه، والانصراف وعدمه أربعة أقسام: متصرف منصرف، ومقابله، ومتصرف غير منصرف وعكسه.
فالأول: كل ما كان من أسماء الزمان غير معين أو بالألف واللام، أو بالإضافة، مثل: سرت يومًا، وسرت يوم الجمعة، واليوم الذي تعلم.
والثاني: سحر إذا كان ليوم بعينه، نحو: سرت يوم الجمعة سحر.
والثالث: غدوة. وبكرة من يوم بعينه، نحو: لقيته يوم الجمعة، غدوة أو بكرة، فهذا يتصرف، فتقول: موعدك غدوة، وإن بكرة موعدهم كما تقول في القسم الأول: عجبت من يوم الجمعة، واليوم مبارك.
والرابع: نحو ضحى وصباحًا ومساءً وعشاء لأوقات بأعيانها، تقول: لقيته