مصدرًا، وهو مراد الزجاجي بقوله:"الزمان حركة الفلك، والفعل حركة الفاعلين" بخلاف ظرف المكان فإنه لم يبن له فعل، ولم يكن للفعل دلالة عليه، وأيضًا فهو أشبه بالأناسي كما قال سيبويه قال:"ألا تراهم يختصونها بأسماء كزيد وعمرو في قولهم: مكة وعمان ونحوهما، وتكون منها خلقٌ لا تكون لكل مكان ولا فيه، كالجبل، والوادي، والبحر. والدهر ليس كذلك. والأماكن لها جثة، وإنما الدهر مضي الليل والنهار" فلما كان لظرف الزمان هذا القرب من المصدر كثر قيامه مقامه، ولما كان لظرف المكان هذا البعد من المصدر حصل بينهما من التباين ما بعد به أحدهما من أن يقوم مقام الآخر إلا أن المكان لما كان لازمًا للمصدر لزومًا خارجيًا، لأن كل فعل لا بد له من مكان يقع فيه راعوا هذا المقدار من القرب، فعاملوا المكان معاملة الزمان بحيث لا يقوى في ذلك قوته، ولا يبلغ رتبته، فكان إقامة المصدر مقام المكان قليلًا. والله أعلم. وفي قوله:"وقد ينوب عن مكانٍ مصدر" ما يدل على عدم القياس، وإن كان من عادته أنه يأتي بقد مشعرة بقياس ضعيف، ولكن هنا قرينة تشعر بخلافه؛ إذ هو يحكي ذلك عن العرب لقوله:
"وذاك في ظرف الزمان يكثر"
لأنه لا يريد أنه يكثر في استعمال القياس، وإنما يريد يكثر في السماع، ولم يشعر أيضًا في نيابة المصدر عن الزمان بقياس فيحتمل أن يكون عنده موقوفًا على السماع، وإن كثر، ويحتمل أن يكون عنده قياسًا، فتقول: سير عليه طلوع الشمس، وغروب الشمس، وقدوم الأمير، وأذان الظهر، وارتفاع النهار، وانتهاء القتل، واندفاع السيل، ودفع الحاج، وما أشبه ذلك.