وأما المذهب الثاني فرده السيرافي بأن الفعل يعمل في المفعول على الوجه الذي يتصل به المفعول، فإن كان لا يحتاج في عمله فيه إلى وسيط، فلا معنى لدخول حرف بينهما، وإن كان يحتاج إلى وسيط عمل بتوسطه، نحو: ضربت زيدًا وعمرًا، فالواو توجب الشركة بينهما في: ضربت، ولم تمنع الواو من وقوع ضربت على ما بعدها وكذلك إلا في قولك: ما ضربت إلا زيدًا، تنصب زيدًا بضربت، وإن كان بينهما إلا؛ للمعنى الذي أوجب ذلك. وقال ابن الأنباري:"قد بينا أن الفعل قد تعلق بالمفعول معه بتوسط الواو، وأنه يفتقر في عمله إليها، فينبغي أن يعمل مع وجودها، فكيف يجعل ما هو سببٌ في وجود العمل سببًا في عدمه؟ ".
وأما المذهب الثالث فمردود بالعطف الذي يخالف بين المعنيين، نحو: ما قام زيدٌ لكن عمروٌ؛ فإن ما بعد لكن يخالف ما قبلها، وليس بمنصوب لزومًا عندنا وكذلك عندكم، فلو كان كما زعمتم لوجب ألا يكون ما بعدها معطوفًا عندكم؛ لمخالفته الأول، بل كان يجب النصب إذا حصلت المخالفة، فلما لم يكن الخلاف موجبًا للنصب مع لكن، وهو حرف يلزم أن يخالف ما بعده ما قبله فألا يكون موجبًا مع الواو التي لا يجب أن يكون ما بعدها مخالفًا لما قبلها أحق وأولى. وكذلك يبطل بلا، وبل إذا قلت: قام زيدٌ لا عمروٌ، وما قام زيد بل عمروٌ، ونحو ذلك.