ذلك علمنا أن الإضمار لا يكون سببًا لضعف النصب قويًا، وإذا كان كذلك لم يصلح أن يدخل تحت قوله:"والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق". وإن سلمنا ذلك فإنما نص عليه لأنه لو سكت عنه لتوهم أنه داخل في قسم المنع من النصب مطلقًا؛ إذ لم يتقدم فعلٌ ولا ما يشبهه، وقد قال: إن المفعول معه ينتصب بما تقدمه من الفعل أو ما يشبه الفعل، فيظن أنه من باب: أنت أعلم ومالك، وكل رجلٍ وضيعته، فلما نص عليه ارتفع هذا الإيهام، واضطر إلى تقدير ناصبٍ له، وهو الملابسة المفهومة من الكلام، فإن المعنى مالك وملابستك زيدًا أو ملابسةٌ زيدًا، وكذا: وتلابس زيدًا حسب ما ذكروه في وجه تقدير هذا العامل، ولم يتعرض الناظم لتقديره فلم نتعرض له. وأيضًا فلتجريد هذه المسألة مما بعدها فائدتان.
إحداهما: تعيين جهة السماع، وأن طائفة من العرب اختصت بالنصب مع ما وكيف إما لزومًا وإما جوازًا، وليس كل العرب يفعل ذلك، وهو ظاهر سيبويه في الحكاية عنهم؛ إذ قال؛ "وزعموا أن ناسًا" ولم يطلق جواز النصب على ضعفٍ على جميع اللغات فتحرى الناظم في النقل.
والثانية: تعيين وجه النصب، وأنه على إضمار كونٍ لا غيره، وأن ذلك الكون مطلق لا مقيد.
أما أنه مطلق لا مقيد فقد مر وجهه.
وأما أن الإضمار مختص بالكون، فإن الإضمار في هذا الباب على ضربين: