فمالي إلا الله لا رب غيره ... ومالي إلا الله غيرك ناصر
وإن تأخرت عن المستثنى فلأحدها حكمه إن كان منفردًا، وللبواقي النصب على الاستثناء، فتقول: قام القوام إلا زيدًا إلا عمرًا، وما قاموا إلا زيدٌ إلا عمرًا على المختار، وما قاموا إلا زيدًا إلا عمرًا على غير المختار، هذا معنى ما قاله على الجملة، ثم رجع إلى لفظة فقال رحمه الله:
وإن تكرر دون توكيدٍ فمع ... تفريغٍ التأثير بالعامل دع
في واحدٍ مما بإلا استثنى ... وليس عن نصب سواه مغني
يعني أن إلا إذا كررت مع مستثنى ولم يرد بالتكرير التوكيد فمع تفريغ ما قبلها لا يصح تأثير العامل في واحدٍ من تلك المستثنيات، وإنما يعمل فيه المفرغ له، وهذا يدل على أن العامل المتقدم على إلا ليس هو العامل في المستثنى، أعني المفرغ لما بعد إلا، والمشغول في القسم الآتي، وإنما يعمل فيه غير ذلك، وهو إلا نفسها على ما تقدم، ولا أثر للفعل، ولا لغيره في نصب المستثنى؛ لأنه جعل المفرغ مانعًا لعمل العامل فيه، وهذا يدل على أنه غيره، وإذا كان غيره فهو ما حصلت الإشارة إليه فيما تقدم، فالعامل في قوله:"التأثير بالعامل دع" هو إلا، و"التأثير" منصوب بدع، و"في واحد" متعلق بدع أيضًا، ولا يتعلق بالتأثير؛ لما يلزم من اعتراض دع بين أثناء الصلة، وهو أجنبي منها، وقوله:"في واحد" يريد أي واحد كان منها، متقدمًا كان على البواقي أو متأخرًا؛ إذ الرتبة في هذا غير لازمةٍ، بل يجوز أن تقول: ما جاءني إلا زيدًا إلا عمرو، فيكون "إلا عمرو" هو