واعلم أنَّ جميع ما استدل به الناظم أو استدل له به مبناه على السماع، فإن القياس عند أهل اللسان تابعٌ غير متبوع، أي تابعٌ للسماع من العرب، فالسماع هو الحاكم على القياس، وليس السماع تابعًا للقياس، فلا يكون القياس حاكمًا على السماع، ولذلك قال الإمام:"قف حيث وقفوا ثم فسر" فأخذ الناس هذا منه أصلًا يرجعون إليه. والسماع الذي اعتمده الناظم أمران: أحدهما: الشعر والآخر الحديث. أما الحديث فإنه خالف في الاستشهاد به جميع المتقدمين؛ إذ لا تجد في كتابٍ نحوي استدلالًا بحديثٍ منقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على وجه أذكره بحول الله، وهم يستشهدون بكلام أجلاف العرب وسفهائهم، وبأشعارهم التي فيها ذكر الخنا والفحش، والذين لا يعرفون قبيلًا من دبيرٍ، بل روى أبو حاتم عن أبي عمر الجرمي أنه أتى أبا عبيدة معمر بن المثنى بشيءٍ من كتابه في تفسير غريب القرآن، قال: فقلت له: عمن أخذت هذا يا أبا عبيدة، فإن هذا تفسير خلاف تفسير الفقهاء، فقال لي: هذا تفسير لأعراب البوالين على أعقابهم، فإن شئت فخذ، وإن شئت فذر. ويتركون الأحاديث الصحيحة كما ترى. ووجه تركهم للحديث أن يستشهدوا به ما ثبت عندهم من نقله على المعنى، وجواز ذلك عند الأئمة؛ إذ المقصود الأعظم عندهم فيه إنما هو المعنى لتلقي الأحكام الشرعية لا اللفظ، ولذلك تجد في الأحاديث اختلاف الألفاظ كثيرًا، فترى الحديث الواحد في القصة الواحدة، والمقالة