العرب تسمي البيت الواحد يتيما، ومن ذلك الدرة اليتيمة لانفرادها، فإذا بلغ الاثنين والثلاثة فهي نتفة، والعشرة تسمى قطعة، فإذا بلغ العشرين استحق أن يسمى قصيدا، والعرب تجعل القصيدة كلها تارة على روى واحد وهو المشهور في أشعارها، وتارة تجعله على حروف مختلفة، وتستعمله شطرين شطرين، أو أربعة أربعة، ولا يكون إلا مزدوجا.
وهذه القصيدة الألفية التي ابتدأها الناظم من هذا القسم، ويسمى المخمس ويكثر في الرجز والسريع، ومنه قول امرأة من جديس:
لا أحد أذل من جديس ... أهكذا يفعل بالعروس
يرضى بهذا يا لقومي حر ... أسدى وقد أعطى وسيق المهر
لأخذه الموت غدا بنفسه ... خير من أن يفعل ذا بعرسه
ويعني الناظم بقوله:(ألفية) النسبة إلى ألف مزدوج، لا إلى ألف بيت لأنها ألفا بيت من مشطور الرجز، ويبعد أن يكون قصده النسبة إلى الألفين وإن كان في اللفظ ممكنا.
وقوله:(مقاصد النحو بها محوية) معنى محوية: مجموعة محاط بها، يعني أن هذه القصيدة قد أحاطت بمقاصد النحو وجملتها مجموعة فيها.
وأصل النو في اللغة: القصد، وهو ضد اللحن الذي هو العدول عن القصد والصواب، والنحو قصد إليه وهو في الإصطلاح: علم بالأحوال والأشكال التي بها تدل ألفاظ العرب على المعاني ويعني بالأحوال وضع الألفاظ بعضها مع بعض في تركيبها للدلالة على المعاني المركبة، ويعني