والتقدير: قد أبوا- يعني النحويين- سبق حال الاسم الذي جر بحرفٍ، ويعني أن النحويين منعوا إذا كان صاحب الحال مجرورًا بحرف أن يتقدم الحال عليه، وإنما يكون عندهم متأخرًا عنه لزومًا بحيث لا يجوز في القياس غيره، فإذا قلت مررت بزينب ضاحكة، فهو اللازم، وكذلك إذا قلت: مررت بالزيدين قائمين لا يجوز أن تقول: مررت ضاحكة بزينب، ولا مررت قائمين بالزيدين، وإلا يجوز تقديمه على متعلق الجار وهو الفعل ونحوه أولى، فلا يقال ضاحكة مررت بزينب ولا قائمين مررت بالزيدين. هذا ما حكاه عن النحويين، ولم يذكر المسبوق ما هو، إذ هو مفهوم أن المراد سبق الحال على صاحبه، وسبقه على صاحبه تارة يكون مع سبق العامل عليهما، وتارة مع سبق الحال على صاحبه والعامل معًا، ثم ذكر ما اختاره مذهبًا ورجحه على غيره، وهو الجواز، فقال:"ولا أمنعه فقد ورد" يريد: لا أمنع ذلك السبق الذي منعتم بل أجيز سبق الحال لصاحبه المجرور بحرفٍ، وسبقه لصاحبه وللعامل معًا، وبين سبب هذه الإجازة، والمخالفة، وأنه السماع المقتضى للجواز بقوله:"فقد ورد" يعني أنه ورد من كلام العرب فهو فيه موجود، وإذا كان مسموعًا فلا سبيل إلى المنع جملة؛ إذ السماع هو الإمام المتبع، فمن ذلك قول الله تعالى {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيرا}. فالظاهر في كافةٍ أنه حال من الناس كما لو/ قال: للناس كافة. والعرب لا تستعمل كافة قط إلا حالًا، وهو الزمخشري: إن كافة صفة لموصوف محذوف، أي إلا إرسالة كافة للناس، ضعيف، وكذلك قول الزجاج في جعل كافة حالًا من الكاف؛ إذ هو إذ ذاك مؤنث حال من مفرد