والحيف: الجور، والظلم، وقد حاف عليه يحيف حيفًا، وأشار بقوله:"فال تحيفا" إلى اعتبار ما هو من الشيء كجزئه، فإنه رب كل شيء يظن كالجزء فيعامل معاملته، فيجاء بالحال من المضاف إليه، وليس في الحقيقة المضاف كالجزء كما تقول: أعجبني مال زيد تاجرًا، فإن المال ليس كالجزء، فلا يجوز انتصاب الحال من زيد؛ إذ لا تقول: أعجبني زيدٍ تاجرًا، وأنت تريد ماله، كما تقول: أعجبني زيد ماشيًا، وأنت تريد: أعجبني حسن زيد ماشيًا، وكذلك لا تعامل ما هو كالجزء معاملة ما ليس كذلك، فتمنع ما كان نحو: أعجبني حسن زيد ماشيًا كما تمنع: أعجبني/ مال زيد تاجرًا، فهذا هو القانون في ذلك فلا تخف فتعامل ما هو كالجزء معاملة ما ليس كذلك، وبالعكس، وقد يكون قوله:"فلا تحفيا" أيضًا إشارة إلى التنكيت على من أجاز الحال من المضاف إليه بإطلاق؛ وذلك أن المجيز لذلك إنما أجازه لما وجد جائزًا في المسائل الثلاث المستثناه من المنع، فكأنه اعتبر المضافات كلها اعتبارًا واحدًا، وهذا حيف في النظر، وتقصير في الاعتبار، فالحق في ذلك التفصيل، وان يجاز حيث وجد المجيز، ويمنع حيث وجد المانع.
ثم قال:
والحال أن ينصب بفعل صرفا ... أو صفةٍ اشبهت المصرفا
فجائز تقديمه كمسرعًا ... ذا ذهب، ومخلصًا زيد دعا
هذا الفصل يذكر فيه ما يصح من الحال أن يتقدم على عامله، وما لا يصح، والحال لابد له من عامل يعمل فيه؛ لأنه منصوب، والنصب لابد له من ناصبٍ، ودل على أنه لابد له من عامل مساق كلامه، وتقسيمه له إلى لفظي وإلى معنوي.