ونحو زيد مفردًا أنفع من ... عمرو معانًا مستجاز لم يهن
هذه المسألة مستثناه أيضًا من الحكم المتقدم في العامل غير المتصرف، وهو منع تقديم الحال عليه، فأتى هنا بحكم في أفعل التفضيل مخالف لما تقرر فيه، فيعني أن أفعل التفضيل إذا توسط بين حالين كهذا المثال الذي أتى به، وهو: زيد مفردًا أنفع من عمرو معانًا، فهو جائز مغتفر فيه تقديم الحال، لم يضعف الكلام لأجل التقديم ولم يمنع، كما ضعف ومنع فيما إذا لم يكن أفعل التفضيل إلا ناصبًا حالًا واحدًا. وقد تقدم شرحه، وأتى بالمثال مشعرًا بالوجه الذي يتوسط معه أفعل التفضيل بين الحالين، وهو أن يأتي لتفضيل شيء في حال على شيء في تلك الحال أو في حال آخر. وقد يكون التفضيل لشيء على نفسه لكن في حالين، فمثاله من تفضيل شيء في حال على شيء آخر في حال آخر هو مثال الناظم، ففضل زيدًا في حال الإفراد على عمرو في حال الإعانة، ومثاله من تفضيل شيء في حال على شيء آخر في ذلك الحال: مررت برجل خير ما يكون خير منك ما تكون، ومررت برجل أخبث ما يكون أخبث منك أخبث ما تكون. ومثاله من تفضيل شيء في حال على نفسه في حال آخر: هذا بسرا أطيب منه رطبًا، وهذا زبيبًا أفضل منه عنبًا، وما شبه ذلك. ومعنى مثال الناظم أن زيدًا يفضل نفعه إذا كان مفردًا على نفع عمرو إذا كان معانًا غير منفرد. وهذا يفضل طيبة بسرًا على طيبة رطبًا، وكذلك سائر المثل. قال ابن خروف: انتصب بسرًا ع سيبويه على الحال من الضمير في أطيب، وأنتصب رطبًا على الحال- أيضًا- من الضمير المجرور في منه، والعامل فيهما أطيب بما تضمنه من معنى المفاضلة بين شيئين، كأنه قال: هذا في حال كونه بسرًا أطيب منه في حال كونه رطبًا، يريد أن يفضل