فالحاصل أن الناظم حد بعض ما ينتصب على التمييز، فأخرج بذلك غيره عن أن يكون نصبه على التمييز، وقد كان يمكن الاعتذار بأنه يمكن أن لم يلتزم النصب على التمييز في نحو: سفه نفسًا، وحسن وجهًا، وأن يجعل نصبه على المفعول به، كما يعرب: مررت برجٍل حسٍن/ الوجه، وحسن وجهه كذلك، ويكون مخالفًا للنحويين في مجرد اصطلاح لا ينبني عليه حكم لولا أنه نص على أن مثل: طب نفسًا، وأنت أعلى منزلًا تمييز، فلم يمكن اعتذار عنه بذلك.
وأما الثاني: فإنه لم يحتج إلى تقييد (من) بالجنسية؛ لأن غاية ما في ذلك أن تحرز به من قوله:
* أستغفر الله ذنبًا لست محصية *
وهذا النوع قد خرج عنه بقوله:(مبين)، إذ ليس (ذنبًا) بمبيٍن غيره كما تقدم. فقوله:(مبين) قام مقام تقييد (من) بأنها الجنسية.
وأما الثالث: فإنه لم يحد التمييز نفسه، وإنما حد ما يصح انتصابه على التمييز، فالتوابع المعترض بها مفتقرة إلى النظر فيها بما حد به فإن اجتمعت فيها الأوصاف المذكورة، صح انتصابها على التمييز حيث يحتاج إليه إذا لم يختص باب من الأبواب المحتاجة إلى التمييز بزيادة شرط كباب العدد، فإن ما فوق العشرة فيه إنما يفسر بواحٍد منصوب، فاختص بزيادٍة على ما عهد في التمييز. وأما غير باب العدد، فانتصاب تلك الأسماء المذكورة فيها على التمييز جائز، كقولك: هو أكثر الناس دراهم أو ثيابًا، وهو أكثر الناس سنين، وما أشبه ذلك، فكان {أسباطًا} يمكن فيه هذه الأوصاف، إذ هو اسم بمعنى