والثالث: رب، وهي مختصة بجر النكرة لقوله:(وبرب منكرًا) أي: وأخصص برب منكرًا من الأسماء، فلا تدخل على المعارف، فتقول: رب رجل يقول ذاك، ولا يقال: رب زيد الذي يقول ذاك، وما جاء من قولهم: ربه رجلًا، فقد تقدم العذر عنه، وأنها إنما جرت هنا المضمر لإبهامه كالنكرة مع أنه نادر كما سيأتي بعد.
فإن قيل: كيف تختص بالنكرة، وأنت تقول: رب رجل وأخيه، فتعطف على مخفوضها النكرة معرفة، والمعطوف مقدر الوقوع في موضع المعطوف عليه، فكأنك قلت: رب أخيه. وأبين من هذا أنك تقول: رب ضارب زيد. وقد قرر النحويون أن (رب) تصرف زمان ما تدخل عليه إلى الماضي، فهي مختصة بالماضي من الزمان، واسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي إضافته محضة. فالإضافة إذًا في رب ضارب زيد محضة، وإذا كانت محضة، فضارب معرفة بالإضافة، وقد دخلت عليه (رب)، فـ (رب) إذًا يجوز أن تجر المعرفة والنكرة، فلم تختص إذًا بالنكرة، كما قال- أنشد سيبويه لجرير -:
يا رب غابطنا لو كان يعرفكم ... لاقي مباعدة منكم وحرمانًا
ولا يقال: لعل الناظم يقول: إن إضافة اسم الفاعل غير محضة، وإن كانت بمعنى الماضي؛ لأنه نص على اختصاص إضافة التخفيف بما كان من اسم الفاعل