إحداهما: أنه قد تقرر فيها جعله لها من حروف الجر، فالحرفية فيها ثابتة عنده، وهذا مذهب البصريين، وذهب الكوفيين إلى أنها اسم، والأصح ما ذهب إليه الناظم؛ لخلوها من العلامات اللفظية الدالة على الاسمية، وكذلك خلت من الدلالات المعنوية؛ ولأنها مساوية للحرف في عدم استقلالها بالمفهومية دون ذكر مجرورها، وقد خرجت (كم) عن هذا بصلاحيتها لعلامات الأسماء، وهي الإضافة إليها، نحو: غلام كم رجل ضربت؟ ودخول حرف الجر عليها، نحو: بكم درهم اشتريت ثوبك؟ والابتداء بها نحو: كم مالك؟ ووقوعها مفعولًا نحو: كم أكرمت؟ وغير ذلك من خواص الأسماء وليس في (رب) شيء من هذا، وليست بفعل باتفاق، فدل على أنها حرف.
فإن قيل: إن الذي يدل على أسميتها أمور:
منها: أنها مساوية لكم في معنى العدد، ونظيرتها في معنى التكثير، أو نقيضتها إن كانت للتقليل، والشيء يحمل على نظيره ونقيضه في الحكم.
ومنها: اختصاصها عن حروف الجر بما لا يكون في سائرها كلزومها صدر الكلام واختصاصها بجر النكرة الموصوفة، وحذف متعلقها.
ومنها: دخول التصرف فيها بالحذف فتقول: رب. وقد قرئ بالوجهين:{ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}. والتصرف بعيد عن الحروف قريب من الأسماء، فإذا كان كذلك لحقت بجنس ما يتصرف.