يعني أن القاعدة المطردة في (رب) إنما هي الدخول على الظاهر النكرة، فما جاء فيها من الدخول على المضمر وجرها له نزر قليل، ولا يكون ذلك إلا والضمير قد لزمه بعده مفسر منصوب على التمييز، فلا يكون الضمير مما يعود على ما قبله أصلًا، وإنما يكون ضميرًا موضوعًا على الإبهام يفسر بمنصوب كنعم في قولك: نعم رجلًا زيد، فتقول: ربه رجلًا، وربه غلامًا، وربه امرأة، وربه امرأتين، وربه رجالًا، وريه نسوة، لا يختلف الضمير وإن اختلف ما يفسره؛ بل يلزمه الإفراد والتذكير في أشهر الاستعمالين.
وقد نبه الناظم على اشتراط المفسر بعده، وأنه لا يفسره متقدم بمثاله الذي مثل به، وهو (ربه فتى) لكنه لم ينه على لزومه طريقة واحدة، أو جواز أن يختلف باختلاف المفسر كرأي الكوفيين، وحكايتهم، ولكن المطابقة قليلة الاستعمال بالنسبة إلى عدمها، فإذا كان الأمران منقولين، فلا يضيره السكوت عن ذلك مع أن جرها للضمير قليل في نفسه.
ثم قال:(كذاكها ونحوه أتى) يعني أنه أتى من كلامهم دخول الكاف على الضمير المتصل، لكن نزرًا أيضًا لقوله:(كذاكها)، ونبه بهذا المثال المخصوص الذي دخلت الكاف فيه على ضمير الواحدة المؤنثة على ما جاء في الشعر بهذا اللفظ بعينه، كأنه يشير إلى سماع في ذلك معين، وذلك قول العجاج أنشده سيبويه: