ذَكَر في هذا الفصلِ مواضعَ جوازِ الفصل بين المضافِ والمضافِ إليه، ثم أَتبعها بما لا يجوزُ ذلك فيه إلاّ ضرورةٍ، وذلك أَنَّ الأصل أن لا يُفصلَ بيتهما كما لا يُفصل بين أجزاءِ الاسم؛ إذ كان المضافُ إليه قد تنَزَّل منزلة الجزءِ أو ما هو كالجزءِ من المضافِ، لأنه واقعٌ موقع تنوينه، فصار الفصلُ بينهما محظوراً، فإن جاء جهة الاضطرار والشذوذ، لكن لما جاء فيه ما فيه كثرةٌ في بعض المواضع وساعده النظر قال بالقياس حيث كَثُر، وأبقى ما سوى ذلك على المنع إلا أن يسمع فيحفظ، وموضعُ القياس عنده على ما ذكر هنا موضعان:
أحدهما: أن يكون المضافُ اسماً يُشِبه الفعلَ، والفاصلُ منصوباً على المفعولية أو الظرفية معمولاً للمضافِ، وذلك قولُه:((فصلَ مضافِ شبْهِ فِعلٍ ما نَصَبْ))، إلى آخره.
فقولهُ:((فصلَ)) منصوب بأَجِزْ، والمصدرُ الذي هو ((فَصْلَ)) مضافٌ إلى مفعوله، و ((ما نَصَب)) هو الفاعلُ الي رفعه ((فَصْلَ)). و ((مفعولاً)): حالٌ من الضمير المحذوف من ((، نَصَب)) العائد على ((ما)) وثَمَّ مجرورٌ محذوفٌ دلّ عليه الكلامُ متعلِّق بِفَصْلَ، وتقدير الكلام: أَجِزْ أن يَفصِل مضافاً يُشبِه الفعلَ من المضاف إليه الاسمُ الذي نصبه ذلك المضافُ، مفعولاً به أو ظرفاً.
فحصل من هذا الكلامِ أنّ الفصل بين المضافِ والمضاف إليه جائز بثلاثة شروط:
أحدها: أن يكون المضافُ اسماً يُشبِه الفعل، وذلك المصدرُ المقدَّر بأَنْ والفعِل، واسمُ الفاعل، واسم المفعول؛ لأنها التي/ تعملُ عَمَلَ الفعلِ وتُؤَدِّي معناه على التمام، وهو ... ٤٠٩ الذي قال فيه:((فَصْلَ مضافٍ شِبْهِ فِعْلٍ)).