واعلم أن قوله:((وإنْ ما قَبْل واوٍ ضُمَّ فاكْسِرْهُ)) مُشْكل، فإن الواو في الحكم الذي قَررَّ إما أن تكون موجودة لم تَنْقلب بَعْدُ إلى الياء، أو قد انقلبت إلى الياء، فإن كانت لم تَنْقلب بعدُ فلا سبيل إلى الكَسْر، لأن الواو تَطْلُب بضم ما قبلها، ولا يتأتىَّ الكسرُ معها.
وإن كانت قد انقلبت كان تعبيره بالواو غيرَ صحيح، لأن الواو في الحال معدومة، والياء هي الموجودة، فكان الأحقَّ أن يقول: وإنْ ما قبلَ ياءٍ ضُم فاكْسِرْه، لأنه قد أَمرَ بقَلْبها ياء/ ٤٢٠ بقوله:((وتُدْغَم الْيَا فِيهِ والواوُ)) فإذا كانت الواو قد أُدغمت فهي ياءٌ لا واوٌ، فكلامهُ على كلا التقديَريْنِ لا يستقيم.
والجواب عن ذلك أنا نَلتزم كلَّ واحد من التقديَريْن، فإنه يمكن أن يُقصد أحدُهما، لصحة كل واحد أن يُنَزَّل كلامهُ عليه.
أما إن أراد الثاني، وهو أن تكون الواو قد انقلبت، ثم كُسِر ما قبلها- فعبارته صحيحة، وإنما ذكَر الواو اعتباراً بما كانت عليه في الأصل، فكأنه يقول: وإن كان ما قبل الواو المنقلبة الآن مضموماً فاكْسِرْه يَسْهُلْ بذلك النطقُ بها.
ومعنى ذلك أن للواو في الإعلال حكمين:
أحدهما إدغامُها في الياء، والآخر كسرُ ما قبلها.
ولو عَبَّر بهذه العبارة لم يكن عليه اعتراض، فكذلك ما قال. وهو ظاهر. وأما إن أراد الأول، وهو أن يقع الكسرُ قبل الانقلاب، فإن ذلك صحيح أيضاً في الصَّنْعة التَّصْريفَّية، بناء على أحد الوجهين الجائزين في الإعلالين إذا عَرَضا في الكلمة: بأيَّهما يُبْدأ، أبأولهما أم بآخرهما