وبالأبواب مكملة المقاصد. مضمومة الأطراف، بحسب ما يُحتاج إليه، لا ينقص ذلك عن المطلوب المقصود، ولا يختل له فيه قانون، فمتى طلبت منها -أعنى من الأرجوزة- مسألة أو بابا أو قانونا وجدته فيها موفى لا تفتقر إلى نظر في غيرها، فوعده فيها منجز لا تأخير فيه عن حال الْتماسك الفائدة، ليست كغيرها من الكتب التي تقع فيها المسائل ناقصة الأغراض والأبواب، مبتورة المقاصد، غير مستوفاة الأقسام.
والثاني: أن يكون المعنى مؤكدا لما تقدم في القسم الأول من أنها سهلة الملتمس لا يصعب فهمها على اللبيب، ولا يقف دون الوصول إلى حاجته منها لقربها من الأفهام، وإحكام ضبطها للقوانين والمسائل، وهذا المعنى غير بعيد أن يكون قصده.
و(الأقصى) ضد الأدنى، أي تقرب الأبعد على الطالب، و (البذل): العطاء ومعنى تبسط البذل، أي توسعه وتكثرة، ويقال: بسط يده بالعطاء، إذا وسعه وكثّر فيه، وهو إشارة إلى كثرة فوائد هذه القصيدة مع إيجاز لفظها، والوعد المنجز، معناه المُحْضَرُ. يقال: بعته ناجزا بناجز، أي حاضرا بحاضر لا نسيئة فيه.
***
وتقتضي رضا بغير سخط فائقة ألفية ابن معط
وهو بسبق حائز تفضيلا مستوجب ثنائيَ الجميلا
والله يقضي بهبات وافرة لي وله في درجات الآخرة
أصل قضى أن يكون بمعنى حَكَمَ، وعلى هذا الأصل جرت مُتصرَّفاتُها في الاشتقاق وقضى بمعنى أدى منه أيضا. ويقال: اقتضى دينه، إذا طلب قضاءه، وكلام فلان يقتضي كذا، أي يطلب الحكم به.