تقدم، فلا فرق بين المخفوض باسم الفاعل هنا والمخفوضِ بالمصدر الموصول كما تقدَم. وقد أجيز هنالك اعتبار الموضوع في التوابع كلها، فكذلك يجب هنا أن يجوز ذلك.
فإن قيل: لعل مراده بالتابع التابعُ، بالعطف، ولم يقَصد غير ذلك، إذ ليس في كلامه ما يَقتضي جميع، بل فيه ما يدل على التابع بالعطف خاصة، وهو التمثيل بقوله:((كَمُبْتَغيِ جَاهٍ ومَالاً من نَهَضَ))
فالجواب أنه لو أراد العطف وحده لَتبيَّن ذلك بياناً واضحاً، لقال: واجْرُرْ أوِ انْصبِ المعطوفَ، أو نحو هذا.
وأيضا تمثيلُه لا يعيَّن عطفاً دون غيره، لأن لفظ ((التابع)) الظاهرُ عُمومهُ، ووقع/ ٤٦١ التمثيُل بواحد منها، كما لو مَثَّل بالنعت أو بالتوكيد فلا يكون في ذلك دليل على الاختصاص.
فإن قيل: ظاهرُه أنه أجاز هنا العطف مطلقاً من غير تقييد، والنحويون قد قَيَّدوا جواز الوجهين بأن يصح وقوعُ المعطوف في موضع المعطوف عليه، فإن لم يصح وقوعهُ في موضعه لم يَجُزْ إلا النصب، وذلك نحو: هذا ضاربُ زيدٍ وعمروٍ، فالوجهان هنا سائغان، لأنك تقول: هذا ضاربُ عمروٍ. وإذا قلت: هذا الضاربُ الرجل وعمروٍ- بالخفض- لم يَجُزْ؛ لأنك لا تقول: هذا الضاربُ عمرٍ، إلا على مذهب الفَرَّاء، وهو مردود عند النحويين. وفي هذا النظم أيضا ما يدل عليه، فإنه منع في ((باب عطف البيان)) أن تقول: مررت بالضاربِ الرجلِ زيدٍ، على البدل، إذ قال: