للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصُدِعَ صُداعاً، وزُكِم زُكاماً.

وفي جَعْل هذا النوع من باب (فَعَلَ) اللازم نظرٌ؛ فإن أكثر ما جاء (فُعَالٌ) في مصدر (فُعِلَ) المبني للمفعول، لا (فَعَلَ) المبني للفاعل، وأكثر ما يُبنى للمفعول ما كان من المتعدي لا من اللازم، كما تقدم في: سَكَتَ وسَبَتَ وصُدِعَ، و (هُلِسَ هُلاَساً) منه، وهو بمعنى: سُلَّ سُلاَلاً، وهُزِلَ هُزالاً، وجُحِفَ جُحَافاً؛ أصابه الانطلاق من كثرة الأكل، وقُصِعَت الدابةُ قُعَاصاً (١)، وقُعِسَتْ قُعَاساً (٢)؛ سَعَلَتْ، وسُهِمَ سُهَاماً؛ مرض (٣)، وسُعِرَ الكلبُ سُعاراً، وكُبِدَ كُبَاداً (٤)، وُسِلسَ سُلاَساً (٥)، وصُفِر صُفَارً (٦)، وضُنِك ضُنَاكاً (٧)، وهو كثير جدا- كأن المعنى على: فَعَله اللهُ، وإذا كان كذلك فقوله: إن باب اللازم أن يكون مصدره على (فُعَال) في الأدواء، مع أن اللازم فيه نادر، والغالب فيه هو المتعدِّي- لا يَتَحَصَّل.

والعذرُ عن هذا أن اللازم منه هذا شأنه، كما في: نَعَسَ، وعَطَسَ، وسَعَل، ونحوهما، وإن كان قليلاً في نفسه فالغالبُ على مصدر ذلك القليلِ (فُعَالٌ) وهذا صحيح، وإنما يبقى أنه لم يّذكر حكم (فُعِلَ) في الأدواء، وهذا قريب.

وأما معنى التَّصْويت فمثاله: نَبَح نَبِيحاً ونُبَاحاً، وصَاحَ صُيَاحاً، لغةٌ في الصِّياحَ، ودَعَا دُعَاءً، وعَوَى عُوَاءً، ورَغَا رُغَاءً، وثَغَتْ ثُغَاءً (٨)، وزَقَا زُقَاءً (٩)، وهَتَفَ


(١) قُعِصَت الدابةُ: أصابها القُعَاصُ، وهو داء في الصدر.
(٢) قُعِسَتَ الدابةُ: أصابها القُعَاسُ، وهو التواء في العنق يأخذ به إلى خلف.
(٣) السُّهَام: الضمور والتغير.
(٤) يقال: كُبِد الرجل، إذا شكا كبده، فهو مكبود. والكُبَاد: مرض يصيب الكبد.
(٥) السُّلاَس: ذهاب العقل، يقال منه: سُلِسَ الرجل، فهو مَسْلوس.
(٦) الصُّفَار: الجوع.
(٧) الضُّنَاك: الزكام، أو لزومه.
(٨) ثَغَت الشاةُ ونحوها، تَثْغُو ثُغَاء: صاحت.
(٩) يقال: زَقَا الطائرُ والديك، يزْقو، إذا صاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>