للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضاً فقد يقال: إن كل ما ذُكر، من الألفاظ المؤدِّية معنى التعجُّب، راجعةٌ إلى معنى (ما أَفْعَلَه) و (أَفْعِلْ بِه) وعنهما تفرَّعت، فذَكَر في التَّبْويب الأصلَ، وتَرك ما سواه. والله أعلم.

والجواب عن الثاني أن ما اعتُرِض به لم يُغْفله جملة، بل في كلامه ما يشير إلى ما يُضْطَرُّ إليه فيه. ومالا يُضطر إليه فيه. ومالا يُضطر إليه لا يَفْتَقر إلى التَّنبيه عليه.

فأما (أَفْعَلَ) و (لأَفْعِلْ) فهما عنده فِعِلاَن، ودَلَّ على ذلك من كلامه قولُه بعد: ((وفي كِلاَ الفِعْلَيْن قِدْماً لَزِمَا)) فهذا نَصٌّ على أنهما فِعْلان.

وايضاً فقد قَدَّم في أول الكتاب أن الفعل يَنْجلى بنون التَّوكيد (١)، وفعلُ التعجُّب تلحقه نونُ التَّوكيد نحو (٢):

* فَأَحْرِ بِهِ لِطُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيَا *

أراد ((وأَحْرِيَنْ)). وإذا ثَبتت فِعْليَّة (أَفْعِلْ) فـ (أَفْعَلَ) نظيره، فهو إذاً فعلٌ مثلُه.

وايضاً فلزوم إلحاق نون الوقاية دليلٌ على ذلك، نحو: ما أَحْسَنَنِي، وما أكَرْمَنَيِ. وهذا لم يَذكره في دَلائل الفعل في هذا النظم (٣).


(١) حيث قال في ((باب الكلام وما يتألف منه)): ((ونُون أَقْبِلَنَّ فِعْلٌ يَنْجَلى)).
(٢) مغنى اللبيب ٣٣٩، والهمع ٤/ ٤٠٠، والدرر ٢/ ٩٨، والأشموني ٣/ ٢٢١، والعيني ٣/ ٦٤٥، واللسان (حرى، غضا) ويروي ((من طول)) و ((بُطون)).
وصدره: ... * ومسْتَبِدلٍ من بَعدٍ غَضْيا صُرَيْمَةَ *
والغَضْا: مائة من الإبل. وصُريَمْة: تصغير (صِرْمَة) وهي القطيع من الإبل او الغنم، ما بين العشرين إلى الثلاثين، يعني أبلا قليلة. وأحْرِبه: ما أحراه وما أجدره.
(٣) يقصد ما ذكره الناظم في باب ((الكلام وما يتألف منه)) من علامات الفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>