للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

((ما أَحْسَن زيداً)) شِيءٌ أحْسَنَ زيداً (١)، فقيل له: ما تقول في قولنا: ما أعْظَمَ اللهَ؟ فقال: شَيءٌ أعظمَ اللهَ، فأنكروا عليه وقالوا: هذا لا يجوز، لأن الله تعالى عظيمٌ لا بجَعْل جاعلٍ، وسَحبَوه من الحَلْقة فأخرجوه (٢).

فهذا كلُّه، وإن كان فيه بحثٌ ونظر، فتخليصُه عَسِير، والاشتغالُ به تكثير، والقَصْدُ حاصل، والكلام مُنْضبط بدون هذا التطويل، فترَكَه لمن يَتَرجَّح (٣) عنده النَّظُر فيه، ونِعمَّا فَعَل.

وحُذَّاق الصَّناعة إنَّما يتكلَّفون البحثَ فيما يَنْبني عليه حكم، وما/ عداه فهم فيه ما ٥١٥ بين تاركٍ له رأساً، وناظر فيه اتِّباعاً لمن تقدَّم له فيه نظر، إذ الخروج عن المعتاد مُنَفِّر، والله أعلم.

وأما حكم (أَفْعِلْ) وما يَلزم عنه من الأحكام فالكلامُ فيها متعلِّق بشرح البيت الآتي بعدُ، ففيه يَظهر قصدُه وما أشار إليه في ذلك بحول الله، فلم يُهمل النَّظر فيه جُملة.

وايضاً فإذا فرضنا انه لم يتعرَّض لحكمٍ فيه فقد ثبت أنه فِعْل، وهو متَّفَق عليه بين أهل البلدين.

والفعل إذا كان على (أَفْعِلْ) ظاهرُه أنه فعل أمر، لأن هذه الصَّيِغة مختَصَّة به، فَيدَّعي أن مذهبه كَوْنُ (أَفْعِلْ) فعلَ أمر، لكن لا مطلقا، بل على


(٥) في الإنصاف ((فأجاب بجواب أهل البصرة)).
(١) في (ت) ((شيء حَسَّنَ)).
(٢) بعده في الإنصاف ((فلما قدم المبرد إلى بغداد أوردوا عليه هذا الإشكال، فأجاب بما قَدَّمنا من الجواب، فبان بذلك قبح إنكارهم عليه، وفساد ما ذهبوا إليه)). والمراد بقول ابن الأنباري: ((فأجاب بما قدمنا من الجواب)) قوله قبل ذلك: ((معنى قولهم: شِيء أعظم الله، اي وَصَفه بالعظمة، كما يقول الرجل إذا سمع الأذان: كَّبرتَ كبيرا، وعظمت عظيما، اي وصفته بالكبرياء والعظمة، لا صَيَّرته كبيرا عظيما، فكذلك ههنا ... )).
(٣) في (ت، س) ((لم يترجح)) ولا معنى له.

<<  <  ج: ص:  >  >>