للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قولهم: ((أَطِرِّي إِنَّكِ نَاعِلَةٌ (١))) يقال لكل من وقع عليه معناه. وقولهم: ((الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ، أو ضَيَّحْتِ اللَّبَن (٢))).

ومثل (ما أَفْعَلَه، وأَفْعِلْ بِه) في ذلك (حَبَّذَا) حَسْبَما يَذكره بعد هذا.

فكأنَّه تقريرُ حكمٍ، وتعليلٌ له، فلا يُعترض عليه بما اعتَرض في ((الشرح)) على مذهب الفراء الذي ذهب إليه هنا.

ثم أخذ في ذكر ما يُبْنَيان منه فقال:

وَصُغْهُمَا مِنْ ذِي ثَلاثٍ صُرِّفَا ... قَابِلِ فَضْلٍ تَمَّ غَيْرِ ذي انْتِفَا

وغَيْرِ ذِي وَصْفٍ يُضَاهِي أَشْهَلاَ ... وغَيْرِ سَالِكٍ سَبِيلَ فُعِلاَ

((ذِي ثَلاثٍ)) هنا هو الفعل، ويريد أن هذين الفعلين يُبنيان قياساً من كل ثلاثي اتَّصف بهذه الصفات التي يذكرها، وجملتها ثمانية أوصاف.

أحدها أن يكون ذلك المَصُوغُ منه فعلاً، وهو قوله: ((مِنْ ذِي ثَلاثٍ)) ودَلَّ على أنه أراد من (فِعْلٍ ذِي ثلاثٍ) ما ذكر من الأوصاف، وقولُه فيها: ((وغَيْرِ سالكٍ سَبِيلَ فُعِلاَ)) فهذا كلُّه لا يكون إلا لِفِعْل.

فلو لم يكن ثَمَّ فِعْل لم يُبْن فعل التعجَّب من غيره في القياس، فلا يقال في


(١) كتاب الأمثال لأبي عبيد/ ١١٥، واللسان (طرر). وأطرَّي: خُذي طُرَر الوادي، وهي نواحيه. وإنك ناعله: أي عليك نعلان. وأصله أن رجلاً قاله لراعية له كانت ترعى في السهولة، وتترك الحزونة، ومعناه: اركب الأمر الشديد فإنك قوي عليه.
(٢) كتاب الأمثال لأبي عبيد/ ٢٤٧، واللسان (صيف). ولم أعثر على رواية ((ضَيَّحتِ)) في كتب الأمثال ولا اللغة. والضَّيْح والضَّياَح: اللبن الخاثر يصب فيه الماء، ثم يُجْدح. يقال: ضَيَّحَ اللبنَ تضييحاً، أذا مزجه بالماء حتى صار ضْيحا.

<<  <  ج: ص:  >  >>